للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الفرق لأبي حنيفة: بين مسألتنا هذه، ومسألة الصرف والسلم أنّ الزيوف والنبهرجة دراهم حقيقة، فصحّ قبضهما بجهة الاستيفاء، وللقابض أن يردّها بعيب الزيافة، والقبض إذا نقض بحق ينتقض من الأصل، ولا يظهر أنه لم يكن.

فينظر إلى الأحكام الثابتة بهذا القبض، إن كان حكما يحتمل الانتقاض بعد الصحّة، وتتعلق صحّته بالقبض، ينتقض بانتقاض القبض، وإلا فلا، والصرف والسلم يتعلّق صحّتهما بالقبض، ويحتملان الانتقاض بعد الصحّة، فيبطلان بانتقاض القبض.

أما خروج الرهن من أن يكون رهنا لا يتعلق بالقبض، فإن المرتهن لو أبرأ الراهنَ عن الدَين، بطل الرهن، فلا يظهر أثر انتقاض القبض في حق هذا الحكم، ويجعل هذا بمنزلة دَين حدث وجوبه بعد الاستيفاء، فكانت الجارية مع العبد الزيادة رهنا بخمسمائة.

واستشهد رحمه الله لهذا بما: لو رهن جارية بألف، ثم زاد في نصف الدَين عبدا قيمته خمسمائة، كان العبد زيادة على نصف الجارية، فيصير نصف الجارية مع العبد رهنا بخمسمائة، حتى لو هلك العبد يهلك بثلث الألف.

ولو هلكت الجارية، هلكت بثلثي الألف، نصفها بخمسمائة، ونصفها بثلث خمسمائة، وهو سدس الألف، أراد بهذا أن خروج الرهن من أن يكون رهنا، لا يتعلق بالقبض.

فإن قيل الزيادة، كان كل نصف من الجارية رهنا بخمسمائة، وبالزيادة تغيّر ذلك، ولو لم يكن كذلك، ولكن استحقّت الدراهم المقبوضة على المرتهن، فكذلك الجواب، كان العبد مع الجارية رهنا بخمسمائة، جعل المستحقة هنا بمنزلة الزيوف والنبهرجة (١).

وفي الصرف والسلم، جعل المستحقة بمنزلة الستوقة والرصاص، حتى يبطل


(١) انظر الفروق لكرابسي ٢/ ٢٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>