للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمان الدَين، لأن ضمان القيمة يفيد الملك في المضمون، وضمان الدَين لا يفيد الملك.

ألا ترى أن كفن الرهن يكون على الراهن دون المرتهن، فلا يجوز أن يعلّق بقبض الرهن ضمانان مختلفان: ضمان الدين عند الهلاك، وضمان القيمة عند الانكسار، فلأجل هذه الضرورة اعتبرنا حالة الانكسار بحالة الهلاك.

ولهما: أن عقد الرهن عقد استيفاء، والاستيفاء إنما يكون بالقدر والوزن دون الجودة والصفة، والفائت بالإنكسار ليس إلا الجودة، فلا يمكن جعله مستوفيا بالفائت (١).

ولا وجهَ إلى أن يجعل مستوفيا بالقائم، لأنه لو صار مستوفيا بالقائم يصير القائم ملكا للمرتهن بدَينه، وعقد الرهن لا يوجب ذلك لما نذكر، فإذا تعذّر جعله مستوفيا دَينه، والراهن لم يرض بقبضه إلا بضمان الدَين، فإذا تعذر (٢) ذلك، بقي قبضا بغير إذنه، فيكون مضمونا بالقيمة بمنزلة المغصوب.

والأصل الرابع: أنّ المقبوض إذا صار مضمونا بالقيمة، فإن كانت قيمته مثل وزنه، يضمن قيمته من جنسه، لأنه أقرب إلى المماثلة، وإن كانت قيمته أكثر من وزنه، تجب القيمة من خلاف جنسه، لأنها لو وجبت من جنسه، إن وجبت مثل وزنه يتضرّر المالك بفوات حقه في الجودة، وإن وجبت قيمته بالغةً (٣) ما بلغت، يؤدّي إلى الربا، فأوجبنا القيمة من خلاف جنسه تحرّزا عن الربا، وصيانةً لحقه في الجودة.

إذا عرفنا هذه الجملة، جئنا إلى المسائل فنقول: الرهن لا يخلو من وجوه ثلاثة:

أحدها: أن لا يكون كيليًا ولا وزنيا، بل يكون من العروض والحيوان والعدديّات،


(١) انظر "بدائع الصنائع" ٦/ ١٦٢.
(٢) في (ج) و (د): "وتعذر ذلك".
(٣) انظر "بدائع الصنائع" ٦/ ١٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>