للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال رحمه الله (١) رجل رهن عند رجل مدهن فضةً وزنه عشرة بعشرة دراهم، فإن كانت قيمته مثل وزنه فهلك، يهلك بالدَين عند الكل، لأن في وزنه وقيمته وفاء بالدَين، وإن انكسر، فصار يساوي ثمانية عند أبي حنيفة وأبي يوسف، يخيّر الراهن: إن شاء افْتكَّه بالدَين، إن شاء ضمن المرتهن قيمته من جنسه (٢).

ويكون الضمان رهنا عند المرتهن، ويصير المضمون ملكا للمرتهن، لأنه إن ذهب شيء من الدَين بذهاب الجودة يكون ربا، وإن أجبر الراهن على الفكاك بجميع دَينه يتضرّر الراهن يفوات حقه في الجودة، فيخير على الوجه الذي ذكرنا، كالقُلب المغصوب إذا انكسر عند الغاصب، يخيّر المالك (٣): إن شاء أخذه، وإن شاء ضمنه [قيمتَه] (٤) بالغة ما بلغت، كذلك هنا.

وعلى قول محمد: يخيّر الراهن إن شاء افْتكَّه بجميع الدَين، وإن شاء جعله بالدَين، فيصير ملكا للمرتهن بدَينه، وليس للراهن أن يضمنه قيمته، لأنه لا وجه لأن يجبر على الفكاك، لما قلنا، ولا وجه لأن يذهب شيء من الدَين بسبب الجودة، ولا وجه لتضمين القيمة، لما ذكرنا في أصل الباب، فيصير مستوفيا الدَين، كما لو هلك، وعنده حالة الانكسار معتبرة بحالة الهلاك (٥).

وهو نظير ما قال محمد رحمه الله: رجل رهن عبدا يساوي ألفا بألف، فقتله عبد


(١) "رحمه الله" أثبتناه من (ج) و (د). أي: قال الإمام محمد.
(٢) انظر "بدائع الصنائع" ٦/ ١٦٢.
(٣) في (ج) و (د): الهالك" وهو تصحيف.
(٤) ما بين المعكوفتين زيادة من (ج) و (د).
(٥) انظر "بدائع الصنائع" ٦/ ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>