للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه البناء على تلك المسألة: أنّ عقد الرهن عقد استيفاء، وفي حقيقة الاستيفاء عند أبي حنيفة يعتبر الوزن، ولا تعتبر الجودة، فكذلك فيما هو استيفاء حكما (١).

وعندهما في حقيقة الاستيفاء يعتبر حق صاحب المال في الجودة، فكذلك فيما هو استيفاء حكما، إلا أن بينهما فرقا من وجه، وهو أن هناك لو قبض مع العلم بكونه زيوفا، لا يردّ، ويبطل حقه في الجودّة، وههنا لا يسقط؛ لأن هناك يصير مستوفيا بالقبض، فإذا قبض مع علمه لذلك يسقط حقه في الجودة، أما ههنا لا يصير مستوفيا عند القبض، وإنما يصير مستوفيا عند الهلاك، والهلاك موهوم، عسى يكون، وعسى لا يكون، فلا يكون (٢) راضيا بسقوط حقه في الجودة (٣).

فإن قيل: كيف يكون هذا بناء على تلك المسألة، وفي تلك المسألة قول محمد مع أبي حنيفة، وهنا قول محمد مع أبي يوسف؟ قلنا: روى عيسى بن أبان رحمه الله في تلك المسألة قول محمد مع قول أبي يوسف (٤).

وإن كانت قيمته اثني عشر أكثر من وزنه، فإن هلك يصير مستوفيا دَينه عند الكل، لأن في وزنه وقيمته وفاء بالدَين، وزيادة (٥).

وإن انكسر، عند أبي حنيفة يضمن جميع قيمته من خلاف جنسه، لأن في حالة


(١) انظر "بدائع الصنائع" ٦/ ١٦١.
(٢) في (ج) و (د): "فلا يصير".
(٣) انظر "بدائع الصنائع" ٦/ ١٦١.
(٤) ولذا صرّح الكاساني بأن الإمام محمد ذهب إلى قول الإمام أبي حنيفة، إلا أن محمدا ترك أصلَه في الرهن. "بدائع الصنائع" ٦/ ١٦١.
(٥) انظر "بدائع الصنائع" ٦/ ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>