للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الانكسار عنده الواجب ضمان القيمة، وجميع القدر مضمون، فتَبعته الجودة، وعند أبي يوسف يضمن قيمة خمسة أسداسه من خلاف جنسه، لما عرف من أصله في أصل الباب، فيضمن خمسة أسداسه، ويكون سُدس القلب مع الضمان رهنا عنده (١).

ولا يقال: لو صار سدس القلب رهنا مع الضمان، وخمسة أسداسه ملكا للمرتهن يصير مُشاعا، والشيوع مانع من صحّة الرهن. طارئا كان أو مقارنا، لأنا نقول: هذا شيوع طارٍ، وعند أبي يوسف في قوله الآخر: الشيوع الطارئ لا يمنع.

وعند محمد: إن انتقص بالانكسار من قيمته درهم أو درهمان، أجبر الراهن على الفكاك، ويصرف النقصان إلى الأمانة، وفوات الأمانة لا يعتبر، وإن انتقص أكثر من ذلك، فقد مات شيء من الجودة المضمونة، فيخيَّر الراهن إن شاء افْتكَّه ناقصا بجميع الدَين، وإن شاء جعله بالدَين؛ لأن عنده حالة الانكسار معتبرة بحالة الهلاك، وفي حالة الهلاك يكون مضمونا بالدَين، فكذلك في الانكسار (٢).

ثم ذكر محمد رحمه الله سؤالا على أبي يوسف في هذا الفصل، فقال:

فصل الهلاك يلزم أبا يوسف، فإنه قال (٣): لو هلك سقط جميع الدَين عند الكل، ولا يخلو إما أن يصير مستوفيا دَينه بالوزن دون الجودة، أو بالجودة، فإن جعله مستوفيا بوزنه فقد ترك أصله، لأن من أصله أن الجودة كعين مال قائم، وتشيع الأمانة والضمان فيهما، فكان هذا منه تَرْكا لأصله، وأخذا بقول محمد.


(١) انظر "بدائع الصنائع" ٦/ ١٦٢.
(٢) انظر "بدائع الصنائع" ٦/ ١٦٢.
(٣) "قال" ساقط من (ج) و (د)، وثبوته أصح. كما سقط فإنه من الأصل، وأثبته من (ج) و (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>