للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يزال يدور هكذا إلى أن لا يبقى من الطعام الجيد إلا قفيزا وشيء يسير، فيجبر الراهن على أن يفتك الطعام الفاسد بجميع دينه، وفيه من الضرر ما لا يخفى.

وأبو يوسف يجيب عن هذا، فيقول: مثل هذا جائز عند قيام الدليل، ألا ترى أنه لو رهن جارية تساوي ألفا لتراجع سعرها إلى مائة، يجبر الراهن على الفكاك، وكذا لو قتلها. عبد قيمته (١) مائة، ودفَع بها حتى صار رهنا مكان الجارية، فإنه يجبر الراهن على الفكاك.

وإن كان رهَنَ ألفا، وافتَكّ مائة، فإن كان الدين كرّ حنطة رديء يساوي مائة، فرهن به نصف كر جيّد يساوي مائة، فإن هلك يصير مستوفيا نصف دينه باعتبار القدر، ويبقى على الراهن نصف كرّ رديء.

وعندهما: يغرم المرتهن نصف كرّ جيد دفعا للضرر، وهو والقُلب سواء، وإن أصابه ماء ففسد، يغرم المرتهن مثل ما قبض نصف كرّ جيّد في قولهم، ويكون الفاسد للمرتهن بالضمان، والفساد في الحنطة بمنزلة الانكسار في القلب، وثمّة عند أبي حنيفة وأبي يوسف في الانكسار يضمن القيمة، فكذلك هنا (٢).

وعند محمد: في القلب تعتبر حالة الانكسار بحالة الهلاك، فكذلك في الفاسد تعتبر حالة الفساد بحالة الهلاك.

فإن (٣) ملك المرتهن الفاسدَ بالضمان، وقبضه، فوجده بسبب الابتلال زائدا بقفيز أو قفيزين، ينبغي له أن يتصدق بالفضل، لأنه ملك بنصف الكر نصف كرّ وزيادة، فيؤدي


(١) في (ج) و (د): "يساوي".
(٢) انظر "بدائع الصنائع" ٦/ ١٦٢.
(٣) في (ج) و (د): "وإذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>