للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما افترقا؛ لأن في البيع ضمّ الردي إلى الجيد للترويج متعاَرف (١)، فلو تفرّق العقد بتفريق التسمية، وكان للمشتري أن يقبل البيع في أحدهما يقبل الجيد (٢)، فيتضرّر به البائع.

أما في الرهن ضمّ الردي إلى الجيد للترويج غير متعارف، فلو تفرّق العقد بتفريق التسمية لا يتضرّر به الراهن (٣)، فإذا سمّى لكل واحد منهما حصّته (٤) في الدين تتفرّق الصفقة.

ولأن في البيع لما جمع بينهما لو تفرقت الصفقة تصير الثانية شرطًا في الأول، وإنها شرط فاسد تُفسد العقد؛ لأن الشرط الفاسد في معنى الربا.

أما الرهن لا يبطل بالشروط الفاسدة؛ لأنه تبرع بمنزلة الهبة، ولهذا لو رهن عبدًا بألف على أن يكون كل نصف منه رهنًا بخمس مائة يفسد الرهن؛ لأنه لما سمّى لكل نصف دينًا تفرّقت الصفقة، فيفسد لمكان الشيوع.

وأشار محمد رحمه الله في الكتاب إلى هذا فقال: هما رهنان، كأنه رهن هذا العبد بخمس مائة، ثم رهن الآخر بخمسمائة، واستشهد في الكتاب بمسائل لبيان أن الرهن يتفرّق بتفريق التسمية، والبيع لا يتفرق، والكل على الروايتين.

منها: لو رهن عبدين وسمّى لأحدهما بعينه ألف درهم، وللآخر مائة دينار، فنقَد


(١) كذا في "ردّ المحتار" نقلا عن الزيلعي، ٦/ ٤٩٩.
(٢) ولهذا لو قبل البيع في أحدهما دون الآخر؛ بطل البيع في الكل. "ردّ المحتار" ٦/ ٤٩٩.
(٣) لأن قبول العقد في أحد المرهونين لا يكون شرطا لصحة العقد في الآخر، حتى إذا قبل في أحدهما، صحّ فيه بخلاف البيع "ردّ المحتار" ٦/ ٤٩٩.
(٤) في (ج) و (د): "حصة من الدين". وما ثبت في الأصل أصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>