للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكل (١)، لأن الهبة لا تفيد ملك اليد قبل القبض، ولا تفيد ملك الرقبة في الحال، وإنما تفيد بعد القبض، فكان يد الموهوب له يد نَيَابة لا يد ملك، ويد الواهب على المتاع كانت يدًا ناقلة، فإذا تحوّلت إلى الموهوب له تتحوّل بتلك الصفة، ويصير الموهوب له ناقلا من حيث التقدير، فيضمن لذلك، بخلاف البيع، لأن البيع يفيد نقل ملك الرقبة قبل القبض، فيفيد ملك اليد.

ولهذا كان للمشتري أن يطالب البائع بتسليم المبيع، فكأن يد المشتري يد نفسه لا يد البائع، فلا يجب الضمان عليه إلا بالنقل والتحويل، فوزان مسألة الشراء من مسألتنا.

إذا اشترى شيئا، ووكّل رجلا بالقبض، فقبض الوكيل، وهلك في يده، ثم جاء مستحق واستحقه، كان له أن يضمن الموكل، لأن يد الوكيل انتقلت إلى الموكل، فتنتقل بتلك الصفة.

فإن قيل: الغصب واجب الإعدام لا واجب التقرير، وفي جعله ناقلا تقرير العدوان، فلا يجوز.

والجواب: إنما صار ناقلا ضرورةَ صحة الهبة من حيث الظاهر، وانتقال اليد إليه، فكان للمستحق أن يضمن أيّهما شاء، وأيّهما ضمن لم يرجع على صاحبه، أما الواهب فلأنه يملك المضمون بأداء الضمان، فيصير واهبا ملك نفسه، وأما الآخر فلأنه إنما ضمن بفعل باشره لنفسه فلا يرجع كالمستعير.

وكذا لو وهب جرابا أو جوالقا فيها متاع، فوهب الكل، وسلم، ثم استحق الطعام،


"الفوائد البهية" ص ١٦٠، كتائب أعلام الأخيار برقم ٢٢٩.
(١) لقد ذكر جامعوا الفتاوى الهندية ناقلين عن محيط السرخسي بأن هذا قولهم جميعًا أي للإمام وصاحبيه. انظر "الفتاوى الهندية" ٤/ ٣٨١ و"مجمع الضمانات" ٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>