للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا رجع الواهب في الهبة لا يبطل ما صنع الموهوب له من القرب، لأن القربة تأدّت بالإراقة، وما ذهب بالإراقة لا يتصور فيه الرجوع، فكانت القربة ماضية على ملكه.

ثم ينظر إن كان الذابح ذبحها تطوعا، أو للأضحية، أو المتعة، أو القران لا يلزمه شيء [آخر] (١)، لأن الواجب عليه بهذه الأسباب إراقة الدم لا غير (٢)، ولهذا كان له أن يأكل، ويؤكل الأغنياء، وقد وجدت الإراقة، فلا يلزمه شيء آخر، كما لو وهبها لغيره بعد الذبح.

أما في حق الصيد، ودم الإحصار، والحلق يضمن [قيمته] (٣) منحورا، لأن الواجب عليه بهذه الأسباب شيئان: الإراقة، والصدقة بلحمها (٤) كفارةً وزجرًا، ولهذا لا يحل له أن يأكل، ويؤكل الأغنياء، فكان عليه إقامة هذه القربة بما هو خالص حقه، ليتمكّن من التصدّق بلحمها، فإذا أقامها بمحل مشغول بحق الغير، وأدّى ذلك الحق إلى الاستحقاق، كان مقصِّرا مفوِّتا، فيكون ضامنا (٥) تحقيقا للزجر، وتشديدا عليه.


(١) "آخر" زيادة من (ا) و (ب).
(٢) في (ا) و (ب): "الإراقة لا غير".
(٣) ما بين المعكوفتين ساقط من (ج) و (د).
(٤) والضابط فيه ما ذكره في "الفتاوى الهندية" بأن كل دم يجوز له أكله، لا بجب عليه التصدق به بعد الذبح، بل يستحب أن يتصدق بالثلث، وما لا يجوز له أكله يجب عليه التصدق به، فلو هلك بعد الذبح لا ضمان عليه فى الكل، وإن استهلكه بعد الذبح إن كان مما يجب عليه الصدقة به يغرم قيمته، ويتصدق بها، وإن كان مما لا يجب عليه الصدقة به لا يغرم شيئًا. "الفتاوى الهندية" ١/ ٢٦٢.
(٥) في (ج) و (د): "فيضمن تحقيقًا" وما أثبت من الأصل ومن (ا) و (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>