للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حنيفة: إنّ الوكيل بالبيع يملك البيعَ بما عَزّ وهان، لأنه لا يملك البيع من نفسه، فلا يكون متهما.

ولو قال: "اشتر لي حمارا أو بغلا"، وسمّى الثمن، أو لم يسمّ صحت الوكالة (١)، لأن بعد بيان الجنس لا تبقى إلا جهالة يسيرة.

ولو قال: "اشتر لي عبدا"، ولم يسمّ الثمن، لا تصح الوكالة (٢)؛ لما قلنا في أصل الباب.

فإن قيل: العبد عند السكوت عن الثمن، ينبغي أن يكون بمنزلة الثوب الهروي، لا بمنزلة الثوب المطلق، لأن الثوب أجناس مختلفة، أما العبد جنس واحد. ألا ترى أنه لو تزوج امرأة على ثوب، لا تصح التسمّية (٣)، وكان لها مهر المثل، ولو تزوج امرأة على عبد تصح التسمّية، ويكون لها الوسط، كما لو تزوج امرأة على ثوب هروي.

قلنا: العبد جنس واحد بحكم اتحاد أصل المنفعة، ولكثرة التفاوت بينهم في المنفعة أجناس مختلفة، فجعل جنسا واحدا عند المقابلة بما ليس بمال، ولهذا يجب دَينا في الذمة


(١) لأن الجنس صار معلوما بالتسمية، وإن بقيت الجهالة في الرصف فصحّت الوكالة بدون تسمية الثمن، فإن قيل: الحمير أنواع، منها ما يصلح لركوب العظماء، ومنها ما لا يصلح إلا للحمل عليها؟ أجاب عنه السرخسي بأن هذا اختلاف الوصف، مع أن ذلك يصير معلوما بمعرفة حال المؤكل، فإذا كان القاضي أمر إنسانا بإن يشتري له حمارا فإنه ينصرف إلى ما يركبه مثله، حتى لو اشتراه مقطوع الذنب فإنه لا يجوز عليه. "المبسوط" ١٩/ ٤٠.
(٢) انظر "المبسوط": ١٩/ ٤٠.
(٣) انظر "فتح القدير": ٨/ ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>