للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان الموكّل وزَن ألف درهم بين يدي الوكيل، وهي غير مشكلة فقال: اشتر لي بهذه المائة دينار جاريةً، فاشترى له جارية بألف درهم، كان مشتريًا للآمر، وإن اشترى بمائة دينار كان مشتريًا لنفسه، لأنه لما أراه الدراهم انتفى الغرور، وزال الاشتباه والضرر، إذ ليس الخبر كالعَيان، وتحمل التسمية على ما هو المعتاد، وهو الترويج والمدح أو الذمّ إذا سمَّاهما فلوسًا، يقول الرحلْ: أبيع منك هذا الفرس، ويشير إلى الحمار مدحًا له، ويقول: أبيع منك هذا الحمار، ويشير إلى العبد ذمًا له.

ولو قال: اشترلي بهذه الألف جارية، وأشار إلى الدراهم، ولم يدفعها إلى الوكيل حتى سرقت، أو ضاعت، أو أنفقها الموكل على نفسه، وعلم الوكيل بذلك أو لم يعلم، ثم اشترى له جارية بألف درهم كان مشتريًا للآمر؛ لأن التعيين لم يصح، ولم يوجد ما يدل على التوقيت، وهو التسليم إلى الوكيل، فتعيّنت الوكالة بألف مطلقة، وإذا لم تتعلق الوكالة بتلك الدراهم لم يكن إنفاقها عزلًا للوكيل، فكان مشتريًا للآمر.

ولو دفعها إلى الوكيل، فلم يشتر بها حتى سرقت أو ضاعت، لا ضمان عليه؛ لأنه كان أمينًا في القبض (١)؛ لأنه لا يستوجب على المؤكل دينًا قبل الشراء، فلا يكون عاملًا لنفسه، وتبطل الوكالة بهلاكها لوجود ما يدل على التوقيت، وهو الدفع إلى الوكيل علم الوكيل بذلك أو لم يعلم؛ لأنه عزل حكميّ لا غرور فيه، فلا يتوقف على العلم.


(١) قال الشيخ محمد غانم البغدادي -رحمه الله-: الوكيل بالشراء إذا قبض الثمن فهلك عنده أن كان قبض الثمن من الموكل قبل الشراء يكون أمانة سواء هلك قبل شراء الوكيل أو بعده، وإن قبض الثمن من المؤكل بعد الشراء يهلك مضمونًا.
كتاب مجموع الضمانات: ٢٥١ - ٢٥٢، وانظر بدائع الصنائع: ٦/ ٣٤، مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٧٤، "المبسوط": ١٩/ ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>