للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإقرار، فإذا حَجد الخصم يحتاج إلى البينة، فلو لم يكفل ربما تغيّب، فلا يتوصّل إلى حقه، ولو كفله إلى إقامة البينة، لا يتضرّر المدعى عليه ضررا ظاهرا (١)، فيكفله، ويمهله لإحضار الشهود بقدر ما يرى (٢).

ألا تري أن في الابتداء يستحضره لسماع الدعوى احتياطا لإحياء الحقوق، فكذلك التكفيل.

وإنما يكفله بطلب المدَّعي؛ لأن حقوق العباد لا تستوفى إلا بطلبهم، ولهذا قالوا: إن القاضي لا يأمر المدعى عليه بجواب الخصم إلا بطلب المدعي (٣).

وحكي: أن رجلا ادّعى على بِشر بن غياث (٤) شيئا عند القاضي، فقال القاضي


(١) وهذا لأن الحضور مستحقٌ عليه بمجرد الدعوى، حتى يُدعى عليه، ويحال بينه وبين أشغاله، فصح التكفيل بإحضاره. تكملة "فتح القدير" ٧/ ١٨١. "البحر الرائق" ٧/ ٢١٠.
(٢) قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خطابه الشهير الذي كتبه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ووجّه فيه أسس قيّمة لنظام القضاء: "جعل للمدعي أمدا ينتهي إليه" فإن أحضر بينة، آأخذ يحقّه، وإلا وجّهت القضاء عليه، فإن ذلك أجلى للعمى وأبلغ في العذر" وعلّق عليه الإمام السرخسي قائلا: دليل على أن القاضي، عليه أن يهمل كل واحد من الخصمين بقدر ما يتمكّن من إقامة الحجة، حتى إذا قال المدعي: بينتي حاضرة، أمهَلَه، ليأتي بهم، فربما لم يأت بهم في المجلس الأول بناء على أن الخصم لا يُنكر حقه لوضوحه، فيحتاج إلى مدة ليأتي بهم. انظر "المبسوط" ١٦/ ٦٣، و"فتح القدير" ٧/ ١٥٩.
(٣) راجع "الفتاوى الهندية" ٣/ ٢٤٦.
(٤) هو بِشر بن غياث بن عبد الرحمن المرِيسي، تقدم ترجمته في كتاب الوكالة، ص ١٠٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>