للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخر، وإن كان الغلام أقرّ بالرقّ على نفسه لهما، فهو بمنزلة من لا يعبّر عن نفسه، لأنه لما أقرّ على نفسه بالرقّ، فقد أقرّ أنه لا يدَ له، ولا قول، فلا يرجع إليه، فإذا قال المقرّ: "هذا ابني وابنك"، أو "ابنك وابني" أو "ابننا"، كان ابنا للمقرّ، لما قلنا في الفصل الأول، ثم بعد ذلك إن قال المقرّ له "هو ابن دونك"، أو قال: هو ابننا لا ضمان على المقرّ، ولا سعاية على العبد، وإن عتق على المقرّ، وثبت نسبه من المقرّ، لأن المقرّ له لما ادعى نسبه، فقد أقرّ بحريته، وزعم أن شريكه ما أفسَد عليه شيئا.

وإن قال المقرّ له: "ليس بابن لي، أو قال: ليس باب لي ولا لك"، كان عتق الغلام مضافا إلى المقرّ، لأن عتوق الغلام (١) لم يكن في ملكهما، فكانت دعوة المقرّ دعوة تحرير، كأنه اعتقه، ومن أعتق عبدًا بينه وبين غيره، إن كان موسرا ثبت لشريكه خيارات ثلاثة عند أبي حنيفة، وعندهما يضمن إن كان موسرا، ويسعى الغلام إن كان معسرا (٢) كذلك هنا.

ومن هذا الفصل: جارية بين رجلين جاءت بولد، فقال أحدهما لشريكه: هو ابني وابنك، أو ابنك وابني، أو قال: ابني، أو ابننا، وصدقة الشريك، فهو ابن للمقرّ خاصّة، وصارت الجارية أمّ ولد له، ويضمن لشريكه نصف قيمتها أمّ ولد، ولا عقر لأحدهما على الآخر، ولا يرجع إلى تصديق الغلام، وإن كان الغلام وقت الإقرار كبيرا يعبّر عن نفسه (٣).

أما إثبات النسب من المقرّ؛ فلأنه أقرّ على نفسه بنسب مَن يحتاج إلى النسب، فينفذ


(١) في (ج) و (د): "العتوق".
(٢) راجع "الفتاوى الهندية" ٣/ ٣٧٦.
(٣) راجع "المبسوط" ١٧/ ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>