للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جناية المكاتب إذا لم تكن موجبة للقصاص تكون في كسبه، يلزمه الأقل من أرش الجناية ومن قيمته، ولا يرجع بذلك على الأمر (١)؛ لأن الأمر جناية إثبات اليد، والمكاتب وإن كان صغيرا فهو في يد نفسه ملحق بالحر الكبير في ذلك (٢)، وثبتت يده على نفسه بعقد الكتابة، فلا يتصور إثبات اليد عليه، ولهذا لو غصب مكاتبا صغيرا، وقرّبه إلى المهالك حتى عطب، لا يضمن (٣).

ولو غصب صبيا حرا، وقرّبه إلى المهالك حتى نهَشته (٤) حيّةٌ وما أشبه ذلك، كان على عاقلته دية الصبي استحسانا (٥)، خلافا لزفر (٦)؛ لأن الصبي الحر ليس في يد نفسه بل هو محفوظ بغيره (٧)، بخلاف المكاتب الصغير.


(١) "الفتاوى الهندية" ٦/ ٣١.
(٢) قال السرخسي: "بخلاف المكاتب؛ لأنَّه في يد نفسه، صغيرا كان أو كبيرا" انظر "المبسوط" ٢٦/ ١٨٦.
(٣) المرجع السابق.
(٤) نَهَسه الكلب: بالسين المهملة، ونَهَشَته الحيّة: بالشين المعجمة، نهشَه الكلب: عضّه بأن قبض على لحمه ومدّه بالفم. راجع المغرب ٢/ ٣٣٦، المصباح المنير ٢/ ٦٢٨.
(٥) انظر "المبسوط" ٢٦/ ١٢٦، "جامع أحكام الصغار" ٤/ ١١، "الفتاوى الهندية" ٦/ ٣٤.
(٦) وهو القياس، وجه قول الإمام زفر أن ضمان الغصب يختص بما هو مال متقوّم، والصبي الحرّ ليس بمال متقوم، فلا يضمن غاصبه بالغصب، كالميتة والدم، والدليل على ذلك أنه لو مات حتف أنفه لا ضمان على الغاصب اتفاقا. انظر "المبسوط" ٢٦/ ١٨٦، و"الهداية" ٤/ ١٥٨.
(٧) احتجّوا على زفر بأنه لا يضمن بالغصب، ولكن يضمن بالإتلاف، وهذا إتلاف تسببا لأنَّه نقله إلى أرض مسبعة، فصار ناقلا له من محل الأمان إلى غيره، كما أنه قصّر في حفظه، فصار متعديا، وبهذا صار ضامنا، وبيانه أن أزال يدا حافظة عنه في حال حاجته إلى الحفظ، ولم يقم =

<<  <  ج: ص:  >  >>