للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أن وصيّ الأب مقدم على الجدّ عندنا، خلافا لمالك (١).


(١) سوق الكلام بإجماله الشديد يُوهِم أن المالكية يُقدّمون الجدّ على وصيّ الأب، وليس الأمر كذلك، وما قصده الشارح أيضا، فلذا يقتضي بنا المقام التفصيل في ذلك، فنقول: إن الفقهاء اختلفوا في ترتيب الأولياء على المال كالتالي:
ذهب فقهاء الحنفية إلى أن ولي الصبي ومن في حكمه كالمجنون والمعتوه، أبوه، ثم وصي الأب بعد موت الأب، ثم وصي وصي الأب، ثم الجد الصحيح - احترازا عن الجد الفاسد وهو أبو الأم - ثم وصي الجد، ثم وصي وصيه، ثم القاضي، ثم وصي القاضي. ويستفاد من هذا الترتيب أنه لا ولاية للجد مع وصي الأب ولا للقاضي مع الجد أو وصيه، وأما من عدا الأصول من العصبة، كالعم والأخ، أو من ذوي الأرحام كالأم ووصيها فلا تصح ولا يتهم على مال الصبي.
ولقد علّلوا هذا الترتيب بأن الولاية تثبت على الصغار باعتبار النظر لهم، وشفقة الأب فوق شفقة الكل، وشفقة وصيّه فوق شفقة الجد؛ لأنه مرضِيّ الأب ومختاره، فكان خلف الأب في الشفقة؛ وخلف الشيء قائم مقامه كأنه هو، وشفقة الجدّ فوق شفقة القاضي، لأن شفقته تنشأ عن القرابة، والقاضي أجنبي، ولا شك أن شفقة القريب على قريبه فوق شفقة الأجنبي، وكذا شفقة وصيه، لأنه مرضيّ الجد وخلفه، فكانت شفقته مثل شفقته، والولاية على هذا الترتيب ضرورة، لأن ترتيب الحكم يكون على حسب ترتيب العلة، وليس لمن سوى هؤلاء من الأم والأخ والعم وغيرهم ولاية التصرف على الصغير في ماله. لأن الأخ والعم قاصرا الشفقة، وفي التصرفات مجري جنايات لا يهتم لها إلا ذو الشفقة الوافرة، والأم وإن كان لها وفور الشفقة، لكن ليس لها كمال الرأي لقصور عقل النساء عادة، فلا تنبت لهن ولاية التصرف في المال ولا لوصيهن، لأن الوصي خلف الموصي قائم مقامه، فلا يثبت له إلا قدر ما كان للموصي، وهو قضاء الدين والحفظ فقط. راجع "مختصر الطحاوي"، ص ١٦٣، "مختصر اختلاف العلماء"، ٥/ ٦٨، "ردّ المحتار" ٥/ ١٥١ "الفتاوى الهندية" ٦/ ١٤٦، "تبيين الحقائق" ٢/ ٣٢، الأشباه =

<<  <  ج: ص:  >  >>