وعند فقهاء الشافعية الولي على الصغير هو أبوه إن كان عدلا، فإن لم يوجد أو كان ممن لا يصلح للنظر، فالولاية للجدّ، فإن لم يكن أب ولا جدّ، نظر الوصي من قِبلهما، فإن لم يكونا ولا وصيّهما، فهل تستحق الأم النظر؟ فيه رأيان: الأول: تستحق النظر في مال ولدها، لأنها أحد الأبوين، الثاني: وهو المذهب أن لا وصاية لها، كولاية النكاح، بل النظر إلى الفاضي. مغني المحتاج ٣/ ١٧٣، نهاية المحتاج ٤/ ٣٧٣، المجموع ١٣/ ٣٤٥. وذهب فقهاء المالكية والحنابلة إلى أن الولي أصالة على الصغير هو الأب الرشيد، لا الجد ولا الأخ ولا العم إلا بإيصاء الأب. ثم يليه وصي الأب لأنه نائبه فأشبه وكيله في الحياة، ثم الحاكم عند عدمهما، لأن الولاية انقطعت من جهة القرابة، فثبتت للحاكم. انظر: "المدونة" للإمام مالك ٦/ ٩. بلغة السالك ٢/ ١٣٠، حاشية الدسوقي ٣/ ٢٩. بعد هذا العرض نلاحظ أولا: أن الفقهاء أجمعوا على أولوية الولاية للأب، لأنه موفور الشفقة على ولده وأكثر الناس حرصا على مصلحته وأنظرهم لماله. ثانيا: الحنفية والشافعية يتفقون في اعتبار الولاية للجد، إلا أن الشافعية يرون تفضيل الجد على وصي الأب، خلاف الحنفية، وإن الحكمة من أسبقية الولاية إلى وصي الأب عند الحنفية هو أن اختبار الموصِي له مع علم الأب بوجود الجد، قوي الدلالة على أنه يأنس في الوصي الكفاية، وأنه يريد أن يُنيبه منابه، ولما كان الأب مفضلا عن الجد فكذا من ينوب عنه. ثالثا: إن المالكية والحنابلة لا يرون انتقال الولاية إلى الجد، وإنما تنتقل إلى وصيّه ثم إلى وصي وصيه ثم إلى القاضي، ويعلّلون حرمان الجد من الولاية بأن الجد لا يُدلي بنفسه إلى الصغير، وإنما يدلي بالأب الأدنى، فلم يل مال الصغير كالأخ. (١) قال أبو جعفر الطحاوي: لم يكن للأم والأخ ولاية في مال الصغير، كذلك وصيهما، وقد اتفقوا على أن وصيهما لا يتصرف فيما لم يرثه الصغير عنهما. وعلّله الجصاص بأنهم لا يملكون =