للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينصب وصيّا آخر معه ليقوم الثاني مقام الأول.

ولو جنّ أحد الأبوين جنونا مُطبِقا كانت الولاية للآخر؛ لأن الجنون المطبِق (١) يبطل أهلية التصرف، ويقطع (٢) الولاية (٣)، فكان بمنزلة الموت (٤).


(١) "الجنون": عرّفه الجرجاني بقوله: "الجنون هو اختلال العقل بحيث يمنع جريان الأفعال والأقوال على نهج العقل إلا نادرا"، وعرّفه أبو البقاء الكفوي بأكثر وضوح بأنه: اختلال القوة المميزة بين الزمور الحسنة والقبيحة، المدركة للعواقب، بأن لا تظهر آثارها وتتعطّل أفعالها، إما لنقصانٍ جُبِل عليه دماغه في أصل الخلقة، وإما لخروج مزاج الدماغ عن الاعتدال بسبب خَلط أو آفة، وإما لاستيلاء الشيطان عليه، وإلقاء الخيالات الفاسدة إليه، بحيث يَفرح ويَفزع من غير ما يصلح سببا. "التعريفات" ص ١٠٧، "الكليات" ص ٣٤٩.
والجنون على قسمين:
١ - الجنون المطبِق، بكسر الباء، أي الممتدّ والدائم، ومنه الحمى المطبقة: أي الدائمة التي لا تفارق ليلا ولا نهارا، والامتداد عبارة عن تعاقب الأزمنة، وليس له حدّ معين فقدروه بالأدنى، وهو أن يستوعب الجنون وظيفة الوقت، وهو اليوم والليلة في الصلاة وجميع الشهر في حق سقوط الصوم. ولذا قالوا في المجلة: "المجنون المطبَق": هو الذي يستوعب جنونه جميع أوقاته، و"المجنون غير المطبق هو الذي يكون في بعض الأوقات مجنونا، ويفيق في بعضها. المادة: ٩٤٤. أما في حق التصرفات، فاختلف الفقهاء في تحديد الوقت الذي يلزم ليعدّ الجنون فيه جنونا مطبقا إلى عدة أقوال، والقول المفتى به هو تحديده بالشهر، كما صرّح به قاضي خان وابن عابدين. راجع "الكليات" ص ٣٥٠، "ردّ المحتار" ١/ ٥١٦، "فتح القدير" ٦/ ١٢٦، "درر الحكام شرح مجلة الأحكام" ٩/ ٥٨٥.
(٢) في (ج) و (د): "ويبطل".
(٣) ذكر في مجلة الأحكام العدلية أن المجنون المطبق هو في حكم الصغير غير المميز. (المادة: ٩٧٩)، وتصرفات المجنون غير المطبق في حال إفاقته كتصرفات العاقل. (المادة: ٩٨٠). وانظر: "درر الحكام شرح مجلة الأحكام" ٩/ ٦٢٨، و"كشف الأسرار" للبخاري، ٢/ ١٣٨٣، و "التلويح على التوضيح" ٢/ ١٦٧، "التقرير والتحبير" ٢/ ١٧٣.
(٤) اتفق الفقهاء على عزل الوصي وبطلان الولاية بالموت والجنون والفسق، لاستحالة التصرف بالموت، وعدم المصلحة في الجنون والفسق. انظر: "ردّ المحتار" ٥/ ٤٩٥، المهذب ١/ ٤٦٣، الشرح الصغير ٤/ ٦٠٦، كشاف القناع ٤/ ٤٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>