(٢) قوله: "خف ممسوح"، هذا قيد مهمّ يجب التنبه إليه، فعليه مدار الكلام في المسئلة، فالمراد: أنه لبس الخفين ثم مسح عليهما، ثم لبس الجرموقين فوق الخفين فحينئذ لا يجوز المسح على الجرموقين، فإنه تشترط لجواز المسح علي الجرموق عند الحنفية ثلاثة شروط: أولا: أن يكونا بحيث لو انفردا يصح مسحهما، حتى لو كان بهما خرق مانع لا يجوز المسح عليهما، ثانيا: أن يلبسهما قبل أن يمسح على الخفين، (وهذا ما أشار إليه قاضي خان بقوله: "خف ممسوح" وإن لم يصرح به في فتاواه: ١/ ٥٢) فإذا لبسهما بعد أن مسح على الخفين لا يجوز له أن يمسح على الجرموقين، لأنهما حينئذ لا يكونان تبعا للخف، وإنما جاز المسح عليهما بسبب كونهما تبعا له، ولأن حكم المسح استقرّ على الخف. ثالثا: أن يلبسهما على الخفين قبل أن يحدث، فلا يجوز المسح عليهما إذا لبسهما بعد ما أحدث، لأن ابتداء مدة المسح من وقت الحدث، وقد انعقد في الخف، فلا يتحول إلى الجرموق بعد ذلك، ولأن وظيفة المسح استقرت للخف لحلول الحدث به فلا يزال بمسح غيره. والملحوظ هنا أن كثيرا من كبار الفقهاء أغفلوا عن ذكر الشرط الثاني، مثل الكاساني في "بدائع الصنائع" ١/ ١١، والمرغيناني في "الهداية"، وابن الهمام في "فتح القدير" ١/ ١٥٥، والزيلعي في "تبيين الحقائق" ١/ ٥٢، إنما ذكره السرخسي في "المبسوط" ١/ ١٠٢، وابن عابدين في "ردّ المحتار" ١/ ٢٦٨، وقال فيه: "صرّح بهذا الشرط في السراج، وشروح المجمع، ومنية المصلي وغيرها"، كما صرح به عليّ القاري في "شرح النقاية" ١/ ٧٣. فإذا تحققت هذه الشروط =