وصية له، كان الأمر على ما قال، وكانت الوصية للثاني لا للأولى؛ لأن الأمر بالردّ إلى الثاني رجوع عن الأول.
ولو قال:"أوصيت لفلان بثلث مالي إلا نصف مالي"، ولم يذكر في ذلك ردًا وغيره، جازت الوصية، وبطل الاستثناء؛ لأنَّه استثنى جملة ما تكلم به وزيادة، وتعذّر أن يجعل رجوعا؛ لأن آخر كلامه لا يصلح كلاما مبتدءا ليكون في معنى المنقطع.
ولو مات، وترك ابنا، وأوصى لرجل بمثل نصيب ابنه إلا مثل نصيب ابن آخر لو كان، أو إلا نصيب ابن ثالث، أو إلا مثل نصيب ابن ثالث، وأوصى لآخر بثلث ما بقي من الثلث، كانت الوصية بثلث ما يبقى من الثلث باطلة؛ لأن الوصية الأولى استوعبت الثلث، فلا يبقى للثاني شيء.
بيان ذلك أنا نجعل المال على سهمين، نعطي للموصى له سهما، ونقسم سهم الابن على ثلاثة لمعرفة نصيب الابن الثالث، وإذا صار سهم الابن على ثلاثة صار سهم الموصى له أيضا على ثلاثة، ثم يطرح سهم من نصيب الورثة؛ لأن ذلك يعود إليه بالاستثناء، يبقى المال خمسة أسهم، يعطى للموصى له ثلاثة، ونسترجع منه مهم، يبقى للموصى له سهمان من خمسة إن اجازت الورثة، وإن لم تجز فله الثلث، وإذا لم يبق من الثلث شيء كانت الوصية الثانية وصية بالمعدوم، فتبطل ضرورة.
وكذا لو أوصى للثاني بربع ما يبقى من الثلث، أو بخمس ما يبقى، أو بأقلّ أو بأكثر، ولو لم يوص بالوصية الثانية، ولكنه استثنى ثانيا مكان الوصية، وهو الاستثناء المكرر، فهو على نوعين:
أحدهما: يبطل فيه التكرار، كما لو مات، وترك ابنا واحدا، وأوصى بمثل نصيب