للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم سأل محمد رحمه الله في الكتاب على نفسه سؤالا فقال: كليف يضرب الموصى له بما استحقت المرأة بحكم الميراث، والمرأة لا تضرب بما أخذ الموصى له بالوصية، وهو الثلث.

ثم أجاب عن هذا فقال: لأن المستحق بحكم الميراث بقي محلا للوصية، حتى لو أجاز الوارث الوصية تصح، فعند عدم الإجازة تعتبر الوصية فيه في حكم الضرب.

والتفصيل إن كان لا يعتبر في حق الاستحقاق، فأما المستحق بالوصية القوية لا يبقى محلا للوصية الضعيفة.

ألا ترى أن رجلا لو مات، ولم يدع وارثا، وترك مالا كثيرا وعبدا قيمته أقلّ من الثلث، وأوصى بالعبد لأجنبي ليس بقاتل وأوصى بجميع ماله لقاتله، وبألف درهم لقاتل له آخر، بدئ بالعبد فيعطى للموصى له؛ لأن وصيته لا تتوقف على الإجازة، والوصية للقاتلين ضعيفة لا تنفذ إلا بإجازة، ثم يضرب الموصى له بجميع المال إلا قيمة العبد والآخر بألف درهم.

ولو أجاز الأجنبي وصية القاتلين لم يضره ذلك شيئًا ولا ينفعهما؛ لأن العبد استحق بالوصية، فخرج من أن يكون محلا لما سواها من الوصية، فلا يظهر فيه حكم وصية القاتلين.

وكذلك رجل أعتق في مرضه عبدا، وأوصى مع ذلك بوصايا، وأوصى بجميع ماله أيضا لرجل، بدئ بالعتق، ثم يقسم ما بقي من المال بين أصحاب الوصايا، فيضرب الموصى له بجميع المال بما بقي من المال بعد العبد، ولا يضرب بقيمة العبد؛ لأن العبد استحق بوصية قوية، فبطل فيه الوصية بجميع المال ضربا واستحقاقا.

ولو أجاز العبد وصايا القوم لا تعتبر إجازته، لما قلنا، كذلك هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>