للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُغسل (١). لأن الدم يخرج من هذه المواضع في حال الحياة من غير ضرب، فلم يثبت مَوته مضافًا إلى فعل العدوّ، فلا يسقط الغُسل (٢).

ولو سقَط مسلم فوَطئته دابّة العدوّ، أو ضربته بيدها، أو نفحته (٣) برِجلها، أو كدمته (٤)، والمشرك راكبُها أو قائدُها أو سائقُها، وهو لا يعلم به، لا يغسل. لأن موته مضاف إلى العدوّ بطريق التّسبب، وهو متعدّ. بخلاف من سار في الطريق، فإنه لا يؤاخذ بنَفحة الرِّجل أو الذنب، لأنه غير متعدّ، حتى لو أوقف (٥) دابّة في الطريق، يؤاخذ (٦) بذلك


(١) نقّح ابن الهمام هذه الفروع وما يلابسها أحسن تنقيح، فقال: والحاصل أنه إذا وجد ميتا في المعركة فلا يخلو إما أن وجد به أثر أولا، فإن وجد، فإن كان خروج دم من جَراحة ظاهرة فهو شهيد، أو غير ظاهرة، فإن كان من موضع معتاد كالأنف والدبر والذكر، لم تثبت شهادته، فإن الإنسان قد يبول دما من شدّة الخوف، وإن كان من غير معتاد كالأذن والعين، حكم بها، وإن كان الأثر من غير رض ظاهر وجب أن يكون شهيدا، وإن لم يكن به أثر أصلا، لا يكون شهيد، لأن الظاهر أنه لشدة خوفه انخلع قلبه، وأما إن ظهر من الفم فقالوا: إن عرف أنه من الرأس بأن يكون صافيا غسل، وإن كان خلافه، عرف أنه من الجوف، فيكون من جراحة، فلا يغسل، وإن المرتقى من الجوف قد يكون عَلَقا فهو سوداء بصورة الدم، وقد يكون رقيقا من قرحة في الجوف. "فتح القدير" ١/ ٤٧٤.
(٢) لأن خروج الدم من هذه المواضع يوقع الشك، هل هو بسبب ضرب العدوّ في المعركة، أم بسبب المرض، ولا يسقط الغسل بالشك. ينظر "بدائع الصنائع" ١/ ٣٢٣.
(٣) "نفحة": يقال: نفَحَت الدابة: أي ضربت بحافرها. "المصباح المنير" مادة: نفح، ص ٦١٦.
(٤) "الكدم": العَضّ بأدنى الفم، يقال: كدَم الحمار: أي عَضّه بأدنى فمه، وكذلك غيره من الحيوانات. "مختار الصحاح"، "المصباح المنير" مادة كدم.
(٥) وفي (ا) "وقف"، والمثبت أصح.
(٦) وفي (ب): "كان يؤاخذ".

<<  <  ج: ص:  >  >>