للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما عندهما: فلأنها لا تتجزأ، فإذا كاتب الأول نصيبه صار (١)، وللآخر حق الفسخ، فإذا كاتبه الثاني على مال آخر، كان فسخا، فانفسخ العقد الأول في نصيبه.

فإن قيل: عندهما الكتابة كما لا تتجزأ ثبوتا لا تتجزأ فسخا، فوجب أن ينفسخ العقد الأول في كله.

قلنا: عندهما الكتابة لا تتجزأ لا لعينها، فإنهما لو كاتبا معا، صار مكاتبا بينهما، وإنما لا تتجزأ لأجل التنافي والتضاد في الأحكام؛ لأن بين خلوص رقبته للمولى، وبين كونه مكاتبا تضادًا وتنافيا، ولا تنافي هنا؛ لأن هنا إنما تنفسخ الكتابة في نصيبه ضرورة الكتابة الثانية، فلا يظهر التنافي، فلهذا يصير مكاتبا بينهما.

فإن أدى أحدهما شيئا لا يعتق نصيب أحدهما ما لم يؤد إليه جميع البدل الذي سماه؛ لأن كل واحد منهما علّق عتقه بأداء كل المال، فلا يعتق بأداء بعضه، سواء كاتب كله على ألف، أو نصيبه على ألف.

فإن قيل: لما انفسخت الكتابة الأولى في نصفه وجب أن يسقط نصف البدل.

قلنا: الفسخ ما ثبت نصا، وإنما ثبت ضرورة ثبوت (٢) الكتابة الثانية؛ فلا يظهر ذلك في سقوط شيء من البدل، كما لو حطّ البائع بعض الثمن لا ينفسخ البيع في شيء من المبيع، وأيهما قبض البدل لا يشاركه الآخر فيما قبض؛ لأن المال وجب لكل واحد منهما بعقد باشره في نصيبه، وقد أبطل كل واحد منهما حقه عن أكسابه بكتابة باشرها، فإذا قضى المكاتب دين أحدهما من خالص ماله سلم له، كما لو باع كل واحد من الشريكين


(١) في (ج) و (د): "أحدهما يصير مكاتبا".
(٢) "ثبوت" ساقط من (ج) و (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>