للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم، ونساؤهم وذراريهم وأموالهم تسلم لهم (١)، لقوله عليه السلام:" فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم" (٢)، ولأن إسلامهم في هذه الحالة كإسلامهم قبل النزول عن الحصن؛ لأنهم أسلموا طوعا قبل القهر والظهور عليهم، فصار كما لو أسلموا قبل النزول، ويضع على أراضيهم العشر؛ لأنهم صاروا من أهل توظيف العشر.

وإن أبوا الإسلامَ جعلهم ذمة (٣)، يؤدون الجزية عن جماجمهم، والخراج عن الأرأضي؛ لأنا نعلم يقينا أن ردّهم إلى مأمنهم -ليكونوا حربا على المسلمين- ليس من حكم الله تعالى فيهم؛ ولأنهم كانرا بهذه الصفة قبل النزول، فإذا نزلوا، وتركوا ذلك باختيارهم (٤)، لم يكن مرادهم الرد إلى مأمنهم، بل تركوا ذلك إلى شئ آخر.

ولا وجه للقتل والسبي؛ لأنهم نزلوا على حكم الله تعالى، ولا نعلم يقينا أن حكم الله تعالى في الذين تركوا الحرب طوعا، هو القتل والسبي لا محالة، وإنما عرفنا ذلك في الذين ظهرنا عليهم عنوة، فإذا تعذر القتل والأسترقاق، وتعذر الردّ إلى مأمنهم، صاروا مخشين في دارنا على التأبيد، والكافر لا يترك في دارنا على التأبيد من غير وظيفة، فتوضع عليهم الجزية والخراج، كما وضع على أهل الذمة.

وعن أبي يوسف: أنه يجوز استرقاقهم؛ لأنهم أهل حرب لا أمان لهم، إلا أنهم لا


(١) "شرح السير الكبير" ٥/ ٢٢٢٧.
(٢) تقدم تخريجه في ص ١٩٤٦.؟؟
(٣) لقد علّل الإمام محمد بقوله: لأنهم وقعوا في أيدي المسلمين آمنين، لأن قتالهم حرام على الإمام لما دعوا إلى الإسلام فلا يجعلون فيئا، ولكن يجعلون ذمة "شرح السير الكبير": ٥/ ٢٢٢٨.
(٤) في (ج) و (د): اختيارا.

<<  <  ج: ص:  >  >>