للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للفريق الآخر حق الأخذ؛ لأنهم لما أحرزوهم، واقتسموا بينهم، التحق بسائر أملاكهم، وفي سائر أملاكهم إذا وقع، الاستيلاء، ثم ظهر المسلمون عليهم، وأحرزوهم إلى دار الإسلام، فإن حضر الملاك يأخذون قبل القسمة بغير شيء، وبعد القسمة بالقيمة، كذلك هنا.

ولو كان الأولون أحرزوهم بدار الإسلام، ولم يقسموهم حتى أخذهم المشركون، فلم يحرزوهم بدارهم حتى أخذهم أناس آخرون من المسلمين، فإنهم يردون على الأولين، وإن كان الآخرون اقتسموهم تنقض قسمتهم، ويرد على الأولين؛ لأن المشركين لم يملكوهم قبل الإحراز بدارهم، فلا يملكهم الآخرون، وكانت قسمة الآخرين فيهم بمنزلة قسمة الغاصبين العبيدَ المغصوبين.

فإن كان الذي قسم بين الآخرين إماما، يرى ما صنع المشركون إحرازا قبل أن يدخلوهم دار الحرب، فقسمته بين الآخرين جائزة، ولا سبيل للأولين عليهم؛ لأن هذا مما اختلف فيه الفقهاء أن مجرد الاستيلاء هل يوجب الملك قبل الإحراز بالدار؟ وقضاء القاضي إذا صادق محلا مجتهدا فيه ينفذ؟

فإن قيل: استيلاء الكافر لا يوجب الملك قبل الإحراز بلا خلاف؛ لأن من قال بأن نفس الاستيلاء سبب للملك، وهو الشافعي رحمه الله، يقول: بأن استيلاء الكافر على مال المسلم لا يوجب الملك (١).

وعندنا: استيلاء الكافر على مال المسلم وإن كان سببا للملك، فالاستيلاء قبل الإحراز لا يوجب الملك، فلا يكون هذا فصلا مجتهدا فيه.

قلنا: هنا مسألتان اختلف العلماء فيهما:


(١) انظر "مختصر المزني" ص ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>