للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الذي ذكرنا إذا صلى صلاة الخوف عند حَضرة العدوّ وتحقق الخوف (١)، فإن كان قبل حضرة العدوّ، فخاف الإمام، ليس له أن يصلي صلاة الخوف، لأن الشرع إنما ورد بصلاة الخوف بخلاف القياس، عند تحقق الخوف (٢) وحضرة العدو، فعند عدمه يبقى على الأصل، كمن انصرف على خوف سَبق الحدث، لا يَبني.

فلو أن الإمام افتتح الصلاة بهم جميعًا، فلما صلى ركعة وهو مسافر، أو ركعتين وهو مقيم، حضَر العدوّ، فانصرفت منهم طائفة إلى العدوّ، وصلى بمن بقي بقيةَ الصلاة، لم تفسد صلاتهم؛ لأن هذا انصراف في أوانه عند تحقّق العدو، لأن الشَّرط تحقق العدو (٣) عند الانصراف، لا وقت الافتتاح.


(١) سقط "صلاة الخوف" و "تحقق الخوف" في هذا السطر من النسخ الأخرى، وثبوته أولى.
(٢) قوله: "تحقق الخوف" خرج مخرج البيان، دون القيد، فإن حضرة العدو مَظنة تحقق الخوف، وقد سبق تعليقا بأن الخوف سبب لهذه الصلاة، وحضور العدو شرط، كما حقّقه ابن الهمام، والبابرتي، وابن عابدين، قال ابن الهمام: اشتداد الخوف ليس بشرط، بل الشَّرط حضور عدو. "فتح القدير" ١/ ٤٤١، ونقل ابن عابدين عن مبسوط شيخ الإسلام الاسبيجابي السمرقندي أن المراد بالخوف حَضرة العدو، لا حقيقة الخوف، لأن حَضرة العدو أقيمت مقام الخوف على ما عُرف من أصلنا من تعليق الرخص بنفس السفر. "ردّ المحتار" ١/ ٥٦٨.
تبيّن بهذا أنه يشترط لجواز صلاة الخوف حضور العدو، ولا يشترط تحقق الخوف، وقد أومأ إليه قاضي خان في الصفحة التالية، وتتفرّع على هذا عديد من المسائل التي أوردها الإمام الشيباني هنا، وشيخ الإسلام السُغدي صرّح به بوضوح تام، فقال: صلاة الخوف على وجهين: أحدها: بمعاينة العدو، وهي جائزة بلا خوف، والثانية: بغير معاينة العدو إلا أن يكون الخوف ثابتا، وهي غير جائزة عند الفقهاء. "النتف في الفتاوي" ١/ ٨١، "بدائع الصنائع" ١/ ٢٤٥.
(٣) وفي (أ): "العذر".

<<  <  ج: ص:  >  >>