للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا عرفنا هذا قال محمد رحمه الله:

رجل أدّى زكاة ماله بعد الحول إلى الساعي، فهلَكت في يده قبل الصّرف إلى الفقراء، جازت عن المالك لأن يد الساعي في الصدقة الواجبة يد الفقراء، فصار الهلاك في يده كالهلاك في يد الفقراء.

ولو أفرزها من ماله، ولم يدفع إلى الساعي، حتى ضاعت، لم تجز عن الزكاة، لأنه لم يوجد الصّرف إلى الفقراء، لا حقيقةً ولا حكما، أمّا حقيقة: فظاهر، وأمّا حكما: فلأن يد صاحب المال لم تجعل يد الفقراء.

قال: ألا ترى أنه لو أراد أن يُمسِك تلك الخمسة (١)، ويدفع مكانَها أخرى، جاز، ولو مات، صارت الخمسة ميراثا عنه، بَخلاف ما لو دفع إلى الساعي.

رجل مرّ على العاشر (٢) بمائتي درهم، وقال: لم يحُل عليها الحَول، وحلف على ذلك، كان القول قوله لما عُرِف (٣)، فإن طلَب منه العاشر أن يعجل خمسة دراهم (٤)،


(١) قوله: "الخمسة" هذا على سبيل المثال، أي المال الذي أفرزه على سبيل الزكاة.
(٢) العاشر: هو مَن نصبه الإمام على الطريق ليأخذ الصدقات من التجار، مما يمرون به عليه عند اجتماع شرائط الوجوب. "التعريفات" للجرجاني، ص ١٨٨. وزاد السرخسي في تعريفه: "وتأمن التجارة بمقامه اللصوص "المبسوط" ٢/ ١٩٩.
(٣) قال السرخسي في باب العاشر: إن ادّعى المسلم أن عليه دينا يحيط بماله، أو أن حوله لم يتمّ، أو أنه ليس للتجارة، صدّقه على ذلك إذا حلف؛ لإنكاره وجوب الزكاة عليه، ولأنه أمين فيما يلزمه من الزكاة. فإذ أنكر وجوبها عليه، فالقول قوله مع يمينه. "المبسوط" ٢/ ١٨٥ و ٢٠٠. وقال المرغيناني: "مَن أنكر منهم تمام الحول أو الفراغ من الدين، كان منكرا للوجوب، والقول قول المنكر مع اليمين. قال أبو يوسف: لا يحلف لأنه عبادة، فأجابه ابن الهمام بأن العبادات وإن كانت بصدق فيها بلا تحليف، لكن تعلق به هنا حق العبد، وهو العاشر في الأخذ، فهو يدعي عليه معنى لو أقرّ به لزمه، فيحلف لو جاه النكول. "فتح القدير" ١/ ٥٣١.
(٤) "دراهم" ساقط من النسخ الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>