للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قال لها: "أنتِ طالق إن شئت"، أو قال لعبده: "أنت حر إن شئت"، ثم حلف أن لا يطلق، ولا يعتق، فشاءت المرأة طلاقَها، أو شاء العبد عتقه، حتى وقع الطلاق، والعتاق، لا يكون حانثا (١)؛ لأن الطلاق، والعتاق وقعا بكلامُ وجد قبل اليمين، والمشيئة شرطٌ محضٌ بمنزلة الدخول، بخلاف ما تقدّم؛ لأن ثمّة الطلاق، والعتاق وقعا بقولها: "طلقت"، وبقوله: "أعتقت"، وقوله منقول إلى المولى (٢)، فيحنث.

ولو وكّل رجلا بالطلاق أو العتاق أو بالنكاح، ثم حلف: لا يطلق ولا يعتق ولا يتزوج، ففعل الوكيل ذلك، حنث في يمينه؛ لوجود كلمة الإيجاب بعد اليمين؛ إذ الموجود من الوكيل منقول إلى الموكّل، والوكيل سفير محض، ولهذا كانت العهدة ترجع إلى الموكل (٣).


(١) كذا في "الفتاوى التاتارخانية" ٤/ ٥٠٣.
(٢) المولى ساقط من بقية النسخ.
(٣) الضابط في مثل هذه المسائل ما ذكره الكاساني بأنه لو حلف إنسان على فعل، ثم أمَر غيرَه أن يفعله، ففعل، ينظر في طبيعة المحلوف عليه: فإنه لا يخلو إما أن يكون له حقوق، أو لا حقوق له، فإن كان له حقوق، فإما أن ترجع إلى الفاعل أو إلى الآمر:
١ - فإن كان له حقوق ترجع إلى الفاعل، كالبيع والشراء والإجارة، لا يحنث، لأن حقوق هذه العقود تختصّ بالعاقد المباشر لها دون الآمر، فحينئذ لا ينسب الفعل إلى الآمر، لأن الفاعل هو العاقد في الحقيقة، لأن العقد فعله، وإنما للآمر حكم العقد شرعا.
٢ - وإن كانت حقوقه راجعة إلى الآمر، كالنكاح والطلاق والعتاق والهبة والصدقة، أو كان مما ليس له حقوق، كالضرب والذبح، فإذا فعل الحالف هذه الأفعال بنفسه أو أمر غيره ففعل، حنث، لأن الفعل يضاف إلى الأمر دون الفاعل، ولهذا الوكيل بالنكاح لا يقول: تزوّجت، وإنما =

<<  <  ج: ص:  >  >>