للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإظهار، وأنه فعل يقع به الظهور، ولم يوجد منه فعل (١)، وإنما حصل الظهور بسكوته واستدلالهم، فلا يحنث. وهذه حيلة منقولة عن أبي حنيفة رحمه الله.

حكي أن السرّاق أخذوا أموال واحد، وحلّفوه بأيمان عظيمة أن لا يُظهِر سرّهم، فجاء الرجل إلى أبي حنيفة، وقَصّ عليه القّصّة، وقال: إني أراهم، و أرى أموالي في أيديهم، فقال له أبو حنيفة: هل لكَ من صديق؟ فقال: نعم، فأتاه بصديقه، فأمره أبو حنيفة رحمه الله بأن يأتيَ بأعوان السلطان عند اجتماع الناس في المسجد، وأمر الصديق أن يريَه الرجال واحدا، فواحدا، ويقول للمسروق منه: هذا الذي سَرق منك، فإن لم يكن، فيقول: لا، وإذا انتهى إلى السارق، يسكت، ولا يقول شيئا، ولا يحرّك رأسه، ففعلوا كذلك (٢)، فظهرت أمواله ببركة عِلم أبي حنيفة رحمه الله (٣).

والفصل الثاني:

إذا حلف: لا يُخبر بمكان فلان، أو بِسرّه، أو لا يبشّر به، فأخبر بكتاب أو رسالة، حنث؛ لأن "الإخبار" كما يتحقّق باللسان، يتحقق بالبَنَان والكتاب (٤)، صحّ (٥) أن يقال:


(١) لأن الظهور والعلم حصل من غير صنعه. "بدائع الصنائع" ٣/ ٥٤.
(٢) والف و ب: "كذلك".
(٣) أشار إلى هذا الكاساني بقوله: وهذه الحيلة منقولة عن أبي حنيفة، والقصة مشهورة. "بدائع الصنائع" ٣/ ٥٤.
(٤) ذكر الإمام السرخسي فيه قاعدة أن البيان بالكتاب كالبيان باللسان. "المبسوط" ٩/ ١٨.
(٥) في الف و ب: "يصح".

<<  <  ج: ص:  >  >>