وأما حرمان الميراث حكم يرجع إلى المحل، وقد ذكرنا أن الطلاق المبهم غير واقع في حق المحل، فبقيت كل واحدة منهما مستحقةً للميراث، فلا تحرم بالبيان.
رجل تحته أمَتان لرجل، فقال المولى:"إحداكما حرّة"، ثم قال الزوج:"التي أعتق المولى منكما طالق ثِنتين"، يرجع في البيان إلى المولى؛ لأن الزوج بنى إيجابَه على إيجاب المولي، ورتّبه عليه، فإنما يتبيّن محل الطلاق إذا تبيّن محل العتق، وبيان العتق إلى المولى.
فإذا بيّن المولى العتقَ في إحداهما، طلِّقت ثنتين، ولا تَبِين؛ لأنه أوقع الطلاق على مَن أوقع عليها العتق، والحرة لا تَبِين بتطليقتين، وعليها عِدّة الحرائر؛ لأن العدة وجبت عليها وهي حرة.
وإن مات المولى قبل البيان، يخيّر الزوج في الطلاق، يوقعه على أيّتهما شاء؛ لأنه بنى إيجابَه على إيجاب المولى، فيكون بمنزلة الحلف عنه، فإذا وقَع اليأس عن بيان المولى، وشاع العتق فيهما بموته، ولا وجه إلى إلغاء الطلاق، صيِّر إلى الحلف.
هذا كمن توكّل عن رجلين في السَّلم، فأدّى المطلوب سلم أحدهما، كان القول قوله في البيان، فإن مات المطلوب، كان البيان إلى الوكيل؛ لأنه هو القابض، فيكون بمنزلة الخَلَف عن المطلوب.
بخلاف ما إذا غاب المولى، حيث لا يؤمر الزوج بالبيان؛ لأن تَمّة لم يقع اليأس عن بيانه.
فإذا بيّن الطلاق في إحدَاهما، بانَت؛ لأنها مُستَسعاة، فتكون أمة عند أبي حنيفة، فتَبِين بطلقتين، وتعتَدّ بحيضتين.