للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قال: "أنت حر على ألف بعد موتي"، يعتبر القبول في الحال؛ لأنه لو اقتصر على قوله: "أنت حر على ألف"، يكون إيجابا [في الحال] (١)، ويعتبر القبول في الحال، فإذا قال: "بعد موتي"، تأخّر العتق إلى ما بعد الموت، فبقي القبول كما كان، وإذا قبِل يصير مدبّرا، ولا يلزمه المال؛ لأن المولى لا يستوجب على عبده دَيْنا.

وعن أبي يوسف: أن في الفصل الأوّل يعتبر القبول أيضا في الحال؛ لأنه وصية، وفي الإيصاء (٢) لو قَبِل قبل الموت يَصحّ، فكذلك في الوصية.

وجه الفرق في ظاهر الرواية ما قلنا: إن القبول إنما يَصحّ بعد نزول الإيجاب، وفي الإيصاء إنما يَصحّ القبول قبل الموت لحاجة الميت، حتى لو رَدّ يمكنه الإيصاء إلى غيره.

ولو قال لامرأته: أنت طالق غدا إن شئت، كانت المشيئة إليها في الغد، ولو قال لها: إن شئت فأنتِ طالق غدًا، كانت المشيئة إليها في الحال، لما قلنا في فصل العتق، وهذا قول محمد، وهو قَول أبي حنيفة في الظاهر (٣).


(١) "ما بين" ساقط من النسخ.
(٢) "الإيصاء": لغة: طلب شيء من غيره ليفعله في غَيبته حال حياته وبعد وفاته، يستعمل تارة باللام، يقال: "أوصى فلان لفلان بكذا"، بمعنى ملكه له بعد موته، ويستعمل أخرى بإلى، يقال: "فلان أوصى إلى فلان بمعنى جعله وصيًا تصرف في ماله، وفي الصحاح: أوصيتُ له بشيء، وأوصيت إليه: إذا جعلته وصيّك، والإسم: الوِصاية والوَصاية. وشرعا: قال صاحب "الاختيار": هو طلب فعل يفعله الموصى إليه بعد غيبة الموصي، أو بعد موته، فيما يرجع إلى مصالحه، كقضاه ديونه والقيام بحوائجه ومصالح ورثته من بعده وتنفيذ وصاياه وغير ذلك. انظر: "المصباح المنير" ص ٦٦٢، "الاختيار لتعليل المختار" ٥/ ٦٢، "أنيس الفقهاء" ص ٢٩٧.
(٣) لأن قوله: "إن شئت" شرط، وقوله: "فأنت طالق غدا" جزاء، فقد علق بالشرط طلاقا مضافا =

<<  <  ج: ص:  >  >>