للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فطلِّقي نفسك فقالت: "اخترت نفسي"، يقع واحدة بائنة، ولا يصدّق الزوج (١) في أنه لم يُرِد الطلاق، لأنه جمع بين الأوّل والثاني بحرف الفاء، وإنه للوصل (٢)، ووَصْل التفسير بالمبهم يكون بيانًا للمبهم (٣)، فلا يصدق الزوج، ويكون بائنًا، لأن العامل هو الأمر باليد أو الاختيار، والواقع بالأمر أو الاختيار يكون بائنًا.

ويحلف: "بالله ما أردتُ به الثلاث"، لمكان الاحتمال، ولا يحلف في لفظ الاختيار، لأنه لا يحتمل نية الثلاث (٤).

وكذا لو قال: "أمرك بيدك ثم قال على الفور مفصولًا أو موصولًا: "ما يحبسك أن تطلِّقي نفسك، لِم لا تطلِّقي نفسك! فقالت: "اخترت نفسي"، تقع واحدة بائنة، لأن هذا عتاب، والعتاب إنما يتوجّه على ترك المملوك والمقدور، فصار كأنه قال: "ملَّكتك الطلاق، لِم لا تطلِّقي نفسك! " فيقع واحدة بائنة، ويحلف في الأمر باليد: "بالله ما أردت


(١) "الزوج" ساقط من (أ) و (ب).
(٢) انظر "أصول السرخسي" ١/ ٢٠٧.
(٣) بيّنه السرخسي في نظير هذه المسألة في قاعدة بصيغة: "المبهم إذا تعقّبه تفسير يكون الحكم لذلك التفسير"، انظر "المبسوط" ٦/ ٢١٨.
(٤) كما سبق في الأصول التي قرّرها الشارح في فاتحة الباب، ومذهب الحنفية أن الواقع في التخيير واحدة بائنة، لا رجعية، وقد روي الترمذي عن عُمر وابن مسعود - رضي الله عنهما - أنهما قالا: "إن اختارت نفسها فواحدة بائنة"، قال الترمذي: "وذهب أكثر أهل العلم والفقه من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم في هذا الباب إلى قول عمر، وعبد الله، وهو قول الثوري، - رحمهم الله -". انظر سنن الترمذي ٣/ ٤٧٤، ويرجع لتفصيل الأدلة: "بدائع الصنائع" ٣/ ١١٩، ١٢٠، و"فتح القدير" ٣/ ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>