للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أن دعوى المتناقض باطلة (١) فيما يحتمل الانتقاض، لأن أحد الكلامين ينقض الآخر، فلا تصح دعواه، حتى لو كان أمرا لا يحتمل الانتقاض كالنسب (٢) والحرية (٣) والطلاق (٤) ونحو ذلك، تسمع دعواه.

ولهذا قلنا: إن مجهول النسب إذا أقرّ بالرقّ لإنسان، ثم ادّعى الحرية تسمع دعواه، لأن إقراره بالرق لا يبطل الحرية (٥)، فلا يمنع دعوى الحرية.


(١) عبّره السرخسي بقوله: "الدعوى مع التناقض لا تصح" المبسوط، ٢٠/ ٨٥، وقال الكاسانى: الأصل فى هذا الباب أنه إذا سبق من المدعى ما يناقض دعواه يمنع صحة الدعوى إلا فى النسب والعتق. بدائع الصنائع ٦/ ٢٢٤، ويرجع إلى مجلة الأحكام العدلية، المادة ٨٠: "لا حجة مع التناقض لكن لا يختلّ معه حكم الحاكم"، وأصله ما ذكره قاضي خان في هذا الشرح بقوله: "سعي الإنسان في نقض ما تمّ به مردود إلا إذا وافقه الخصم" ص ١٥٩٩، وهذه القاعدة واردة في المجلة بصيغة: "من سعى في نقض ما تمّ به من جهته فسَعيه مردود عليه" المادة: ١٠٠.
(٢) بأن قال لمجهول النسب: هو ابنى من الزنا، ثمّ قال: هو ابنى من النكاح تسمع دعواه. (بدائع الصنائع ٦/ ٢٢٤).
(٣) وفي (أ) و (ب): "كالنسب والطلاق"، بسقوط "الحرية".
(٤) بأن لو برهنت المختلعة بعد أداء بدل الخلع على طلاق الزوج قبل الخلع تسمع دعواها. (انظر ردّ المحتار ٥/ ٥٨٦ و"بدائع الصنائع" ٦/ ٢٢٤).
(٥) وعلل الكاسانى بأن بيان النسب مبنىّ على أمر خفيّ، وهو العلوق منه، إذ هو مما يغلب خفاءه على الناس، فالتناقض فى مثله غير معتبر. "بدائع الصنائع" ٦/ ٢٢٤.
وقال الحصكفى: التناقض فى موضع الخفاء عفو. (الدر المختار ٥/ ٥٨٦، وراجع الأشباه والنظائر لابن نجيم، وشرحه للحموى ١/ ٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>