للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال المشتري: أنا أقيم البينة أنها للمستحق، لأرجِع بالثمن على البائع، لا يلتفت إليه (١)، لأن ملك المستحق ثبت بقضاء القاضي (٢)، فهو يريد بهذا إثبات الثابت، ولأنه متناقض في دعواه، لأن إقدامه على الشراء إقرار منه بملك البائع، وصحة البيع، والتزام موجب العقد، فهو يريد بهذا إبطال عقد باشره، ونفي ما التزم من أحكامه، فلا يصح.

كما لو أقام المشتري (٣) بينة أن العبد الذي اشتراه ملك فلان الغائب، باعه البائع بغير أمره ليرجع بالثمن على بائعه، لم يقبل لما قلنا (٤)، كذلك هنا.

فرّق بين هذه المسألة وبين مسألتين: إحداهما ما ذكر في المأذون: رجل اشترى عبدا، وقبضه ونقد الثمن، ثم أقام البينة أنّ البائع باع (٥) هذا العبد قبل ذلك من فلان الغائب بكذا، قبلت بينته وإن كان متناقضا ساعيا في نقض ما تمّ به.

والثانية ما روى ابن سماعة عن محمد رحمهما الله: إذا وهب جارية من رجل، فاستولدها الموهوب له، ثم أقام الواهب البينة أنه كان دبَّرها أو استولدها، قبلت بينته، ويرجع على الموهوب له بالجارية، والعقد، وقيمة الولد، وإن كان ساعيا في نقض ما تمّ به،


(١) وهذا بعد القضاء بنكول المشترى، وأما قبل القضاء به لو أقام المشترى البينة على أنها للمستحق ينبغى أن نقبل لأنّ النكول بمثابة الإقرار، ويجوز الجمع بين الإقرار والبيّنة إذا كانت هناك فائدة، وههنا كذلك، لأن البينة تفيد حق الرجرع للمشترى على البائع. راجع: رد المحتار ٥/ ٥٨٧.
(٢) "القاضي" ساقط من (ج) و (د).
(٣) "المشتري" ساقط من (أ) و (ب).
(٤) وعلله الكاسانى بأن إقراره بالملك لغيره للحال يمنع الشراء من البائع قبل ذلك، لأن الشراء يوجب الملك للمشترى فكان مناقصًا فى دعواه. راجع "بدائع الصنائع" ٦/ ٢٢٣.
(٥) وفي (أ): "كان باع".

<<  <  ج: ص:  >  >>