للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم من قال: إنما يحلفه القاضي، لأنه ادّعى عليه معنًى لو أقر به يلزمه، فإذا جحد يستحلف، كما في سائر الدعاوى (١).

فإن قيل: بلى! ادّعى عليه معنًى لو أقر به يلزمه، ولكنه متناقض، لأن إقدامه على الشراء إقرار منه بصحبته، ولزوم أحكامه، ودعواه أنه ملك المستحق إنكارا لذلك، فكان متناقضا، ولهذا لا تقبل بينته، وكلما لا تقبل البينة إلا بعد دعوى صحيحة، لا يستحلف إلا بعد دعوى صحيحة.

دلّ عليه ما ذكر في المأذون، عبد اشترى من رجل شيئا، ثم قال: أنا محجور، وقال البائع: هو مأذون، فأراد العبد أن يقيم البينة على ما ادّعى، لا تقبل، ولا يستحلف خصمه، وإن أقرّ به البائع يلزمه.

وذكر في الجامع الصغير (٢): أنّ المشتري لو أراد استحلاف البائع: "بالله ما بعتُه من فلان قبل أن تبيعه مني"، لم يكن له ذلك، وإن أقر به البائع يلزمه (٣).

والجواب عنه أن في مسألتنا المشتري غير متناقض من كل وجه، لأنه لا ينكر العقد أصلا، ولا ملك الثمن للبائع، فإن بيع مال الغير منعقِد، وبدل المستحق مملوك، وإنما ينكر وصف العقد، وهو صحّة (٤) اللزوم بعد الإقرار به من حيث الظاهر، فكان متناقضا من وجه دون وجه، فجعلناه متناقضا في حق البينة، ولم نجعله متناقضا في حق اليمين، [ليكون عملا بهما، والعمل على هذا الوجه أولى، لأن البينة حجة متعدّية، فلو لم نجعله


(١) راجع فتح القدير ٦/ ٢٠٢.
(٢) وفي (ج) و (د): "وذكر في الجامع".
(٣) انظر فتح القدير ٦/ ٢٠٢.
(٤) "صحّة" ساقط من (ا) و (ج) و (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>