للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصّل، فقال: كل واحد منكما بخمسمائة، فقبِل أحدهما دون الآخر، جاز، وكان له أن يقتل الآخر، لأن الصلح عن دم العمد لا يحتمل الفسخ بعد الوقوع، بمنزلة النكاح والطلاق، فلا يبطل بالشروط الفاسدة، ولا بجهالة البدل.

ولو قال لغيره: أجرتك عبدي هذا شهرا، وبعتك جاريتي هذه بألف، فقال: قبلت، جاز؛ لأن القبول المطلق يصلح قبولا لهما.

ويقسّم الألف على أجر مثل العبد شهرا، وعلى قيمة الجارية، فما أصاب الأجر، يكون أجر العبد، وما أصاب قيمة الجارية، يكون ثمنا للجارية.

وإن سمّى لكل واحد منهما بدلا، إن قال: قبلت، جاز، ويكون قبولا لهما، وإن قبل أحدهما دون الآخر، لم يجز؛ لما قلنا. وكذا إذا لو (١) جمع بين قسمة وإجارة.

ولو قال لعبده: أنت حر بألف أو على ألف، فقال: قبِلت العتق في نصفي مطلقا، فهو باطل في قول أبي حنيفة لوجهين (٢):

أحدهما: أنّ النصف غير الكل، ولهذا لو شهِد أحد الشاهدين أنه أعتقه، وشهد الآخر أنه أعتق نصفَه لا يقبل، هذه الشهاده (٣) فلم يكن قبولا لِما أوجب.

والثاني: أنّ الإعتاق يتجزّأ عنده (٤)، فلو صحّ قبوله في النصف، يلزمه نصف


(١) في (ج) و (د). "إذا" مكان "لو".
(٢) انظر "المبسوط" ٧/ ١٤٣.
(٣) "هذه الشهادة" ساقط من النسخ الأخرى.
(٤) يستدل الإمام أبو حنيفة رحمه الله على قوله بتجزئة العتق بحديث سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "من أعتق شقصا له في عبد فإن كان موسرا فعليه خلاصه، وإلا =

<<  <  ج: ص:  >  >>