للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقديرها نافية، ففيتناقض النفي والإثبات، وهذا هو التحقيق في المسألة.

فأما ما ذكره أبو علي (١) من أنه لم يبدل عن اللفظ لأن "لا" لا تعمل في المعارف ففاسد، بدليل: لا أحد فيها إلا رجل واحد. فهذا نكرة وحكمه حكم المعرفة في وجوب البدل على المحل. فلو كان ما ذكره مستقيماً لجاز ههنا الإبدال على اللفظ، ولما لم يجز دل على أن ما ذكره من العلة منتقض (٢)، وهو أولى من توهم أن امتناع العمل اللفظي فيما بعد "إلا"، لأن "لا" لم تعمل في الأول، وإنما هو مبني معها. وإذا لم يكن لها عمل فيه لم يبق إلا البدل على المحل، فإنه فاسد بدليل قولهم: لا غلام رجل عندي إلا رجل واحد. فإن حكمه وإن كان الأول معرباً باتفاق حكم المبني، دل على أن ما ذكره هذا القائل ليس بشيء، فثبت أن التعليل الأول هو المستقيم.

قال: "وإن قدمت المستثنى على صفة المسثنى منه"، إلى آخره. هذا الفصل ينعطف على بعض القسم الأول من المستثنيات وهو ما قدم من المستثنى لأنه تفصيل له، فكأنه يقول: ما قدم من المستثنى تارة يقدم على المستثنى منه وصفته وتارة يقدم على صفة المستثنى منه. ومذهب سيبويه أنه لا اعتداد بتقديمه على الصفة (٣). وهو الصحيح لأمرين: أحدهما: أن المستثنى منه هو الموصوف دون الصفة، والصفة فضلة، فلا فرق بين وجودها وعدمها


(١) قال أبو علي: "وكذلك لا أحد فيها إلا عبد الله، حملت عبد الله على موضع "لا" مع أحد، لأن الموضع رفع بالابتداء، ولم يجز الحمل على اللفظ لأن (لا) لا تعمل في المعارف، إنما تعمل في الأسماء الشائعة". الإيضاح العضدي ١/ ٢٠٦.
(٢) في ب: منتقضة. والصواب ما أثبتناه.
(٣) قال سيبويه: "فإن قلت: ما أتاني أحد إلا أبوك خبر من زيد، وما مررتع بأحد إلا عمرو خير من زيد، كان الرفع والجر جائزين، وحسن البدل لأنك قد شغلت الرافع والجار، ثم أبدلته من المرفوع والمجرور، ثم وصفت بعد ذلك". الكتاب ٢/ ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>