للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صرح بذلك لم يكن عمرو فيه إلا منصوباً، فهو بالنصب في الأصل أجدر، ولذلك لم يتعرض صاحب الكتاب إلا لهذا التمثيل لأنه أشبه ما يقدر دون غيره.

ثم انتقل إلى المسألة الأخرى وهي: "ما أتاني إلا عمراً إلا بشراً أحد". ولم يتعرض إلا لوجوب النصب فيما كان بعد أحد في التقدير، لا في الآخر، لأن الآخر قد ثبت نصبه في حال تأخره عن الفعل، فنصبه متقدماً أجدر، فلم يبق إلا الكلام في نصب ما لو تأخر لكان مرفوعاً، فقال: لو أخرته لرفعته على البدلية من أحد. فإذا قدمته على المستثنى منه وجب نصبه على ما تقدم، لأن المقدم من المستثنى منه واجب فيه النصب.

قال: "وتقول (١): ما مررت بأحد إلا زيد خبر منه". هذا الفصل ينعطف على القسم الخامس من المستثنيات وه٩والذي يسميه النحويون الاستثناء المفرغ، وقد تقدم أنه جار في كل ما يصح أن يكون معمولاً لما قبله، فجرى في الأحوال والصفات. وكما أن الصفة يصح أن تقع مفردة وجملة في غير هذا الموضع فكذلك ههنا. فلذلك: جاز: ما مررت بأحد إلا زيد خبر منه، كما جاز: ما مررت بأحد إلا عالم (٢). فما بعد "إلا" واقع صفة لأحد، و"إلا" لغو في اللفظ لأنها وقعت في الاستثناء المفرغ معطية في المعنى فائدتها (٣).

وقوله: "جاعلة زيداً خيراً من جميع من مررت بهم"، غير مستقيم، لأن كون زيد ههنا خيراً من جميع من مررت بهم مفهوم من خبرة، وهو قوله: خير


(١) وعبارة المفصل: وإذا قلت. ص ٧٢.
(٢) وتقول في الجملة إذا وقعت حالاً: ما مررت بزيد إلا أبوه قائم. وما مررت بالقوم إلا زيد خير منهم.
(٣) "ولا تقع الجملة في هذه المواضع إلا أن تكون اسمية من مبتدأ وخبر، ولا تكون فعلية، لأن إلا موضوعة لإخراج بعض من كل، فإذا تقدم إلا الاسم فلا يكون بعدها إلا اسم لأنهما جنس واحد، فيصح أن يكون بعضاً له". ابن يعيش ٢/ ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>