للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضاربك، وإما لأنه يقدر التنوين محذوفاً للإضافة، ويقدر التعريف بعد ذلك. أما كونه لا يعتبر التخفيف فليس بمستقيم، فإنا متفقون على امتناع: الحسن وجهه، وليس إلا لذلك (١). وأما تقديره التنوين محذوفاً قبل الإضافة فليس بمستقيم، لأنا نعلم أن الألف واللام سابقة، وإذا كانت سابقة وجب إثبات حكمها سابقاً، وإذا وجب حذف التنوين لأجلها لم يبق للإضافة ما يحذف تخفيفاً.

قال: "وأما الضارب الرجل، فمشبه بالحسن الوجه" (٢)، من حيث كان: الحسن الوجه، محمولا على باب: الضارب الرجل، حتى جوز فيه النصب الذي هو على خلاف المعنى. فإذا حمله عليه لمشابهته فيما هو مخالف للمعنى فلأن يجوز مشابهة أخيه به في أمر لفظي أقرب، وهي الإضافة التي هي أقوى الوجوه في الحسن الوجه. وسيأتي ذكره في بابه.

قال: "وإذا كان المضاف إليه ضميراً متصلاً جاء ما فيه تنوين". يريد: أن متعلق اسم الفاعل إذا كان مضمراً لا يجوز أن يكون منصوباً به لما يؤدي إليه من التناقض. لأنهم لو نصبوا بضارب في: ضاربك، لجمعوا بين التنوين والضمير. وكونه مضمراً متصلاً يشعر أنه من تمام الأول، ودخول التنوين أو النون يشعر بانفصال الأول، فكان الجمع بينهما من قبيل التناقض. ولما كان ذلك مرفوضاً في: ضاربك، ثبت أن للمضمر المتصل بالنسبة إلى هذه الإضافة شأنا ليس لغيره وهو كونه لا يعتبر فيه التخفيف كما اعتبر في غيره لأداء ذلك إلى


(١) في د: كذلك. والصواب ما أثبتناه.
(٢) وجه الشبه بينهما أن الضارب صفة كما أن الحسن صفة، وما بعده يكون مجروراً أو منصوباً. فتقول: هذا ضارب زيداً وضارب زيد، كما تقول: مررت برجل حسن وجهاً وحسن الوجه. فلما أشبهه جاز إدخال الألف واللام عليه، وإن لم يكن مثله من كل وجه. ألا ترى أن المضاف إليه في: الضارب زيد، مفعول منصوب في المعنى، والمضاف إليه في: الحسن الوجه، فاعل مرفوع. انظر ابن يعيش ٢/ ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>