للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: أصلها: أريد (١) أو أعني أو ما أشبهه. فيا عند هؤلاء حرف وضع دليلاً على الإنشاء للنداء كما وضعت الهمزة دليلاً على إنشائية الاستفهام. والجملة عندهم من الفعل والفاعل المقدر، والاسم مفعول بذلك الفعل.

وقال بعضهم (٢): يا: اسم من أسماء الأفعال متضمن معنى الإنشاء، وعبد الله مفعول باسم الفعل، ولا شيء مقدر، هو ضعيف، لأن من جملة حروف النداء الهمزة، وليس من أسماء الأفعال اسم على حرف واحد. وأيضاً فإن أسماء الأفعال تتحمل الضمائر، كقولك: هيهات ورويد، وهذه يعلم أنها لا تتحمل الضمائر، ولو تحمل الضمير لاستقل كلاماً، ولا يستقل ذلك مع مضمره كلاماً. وإذا بطل ذلك فالمذهب ما تقدم، ويجب تقدير الفعل للعلم بأنها جملة، والمعنى عليه، فوجب تقديره بالفعل. وإنما وجب الحذف لأن الواضع علم أن هذا مما يكثر في كلامهم، فحذفه (٣) لكثرته المعلومة عنده، وصارت "يا" متضمنة ذلك الفعل المحذوف، فلم يجمعوا بينها وبينه. ثم إن المنادى منصوب لفظاً ومنصوب محلاً. فالمنصوب من حيث المحل على أضرب: منها: المنادى المضموم، وشرطه أن يكون مفرداً معرفة غير داخلة عليه لام الجر ولا ألف الندبة، وبني لشبهه بالمضمر من حيث اللفظ ومن حيث المعنى. أما من حيث اللفظ فلأنه مفرد، ومن حيث المعنى هو أنه مخاطب، وأصل المخاطب أن يكون بالضمائر، ولكنهم وضعوا ههنا الأسماء الظاهرة موضع المضمرات لأنهم علموا أنهم ينادون في الغالب الغائب عن العين، فلو وضعوا (٤) المضمر موضعه لجوز كل سامع له أنه المنادى، فعدلوا إلى الأسماء


(١) في الأصل: يا زيد. وهو تحريف.
(٢) وهو مذهب الفارسي. انظر شرح الكافية للرضى ١/ ١٣٢.
(٣) في س: فحذف. والأصوب ما أثبتناه.
(٤) في س: وضع. والأصح ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>