للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصح لأن شرط كل مصدر لفعل يوافقه في معنى الحدوث. وسبح معناهك قال: سبحان الله. وسبحان الله معناه: براءة الله. وليس التلفظ بسبحان الله براءة، فلا يستقيم أن يكون مصدرا له. فسبح: إذا قال: سبحان، مثل بسمل: إذا قال: بسم الله، وحوقل: إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله. ولو استقام أن يكون سبحان مصدرا لسبح لكان: بسم الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، مصادر لبسمل وحوقل. وإنما سبحان الله مصدر لفعل في معنى البراءة أو التنزيه لا يظهر. فكأنه قال: برئ الله من السوء براءة.

وعمرك الله. مذهب سيبويه أنها منصوبة على المصدر، تقديره: عمرتك الله تعميرا (١). حذف عمرتك، ووضع عمرك موضع التعمير مضافاً إلى مفعوله، وبقي اسم الله منصوباً على ما كان عليه. والدليل على كونه مصدرا وقوعه موقع الفعل في قول الشاعر:

عمرتك الله إلا ما ذكرت لنا ... هل كنت جارتنا أيام ذي سلم (٢)

فهو بمعنى عمرك الله. وإذا وقع في موضع عمرتك ومعناه وجب أن يكون مصدراً كما كان "سقيا" مصدراً لذلك. وذهب غيره إلى أن عمرك الله منصوب على أنه مفعول به بفعل مقدر لا مصدرا. كأنه قال: سالت عمرك، أي: سألت حياتك الله (٣).

ومذهب سيبويه أولى لأوجه: أحدها: أنا اتفقنا على أن "سقيا" مصدر،


(١) قال سيبويه: "وكأنه حيث قال: عمرك الله وقعدك الله، قال: عمرتك الله بمنزلة نشدتك الله، فصارت عمرك الله منصوبة بعمرتك الله، كأنك قلت: عمرتك عمراً، ونشدتك نشداً، ولكنهم خزلوا الفعل لأنهم جعلوه بدلاً من اللفظ به". الكتاب ١/ ٣٢٢.
(٢) هذا البيت من البحر البسيط وهو للأحوض. انظر ديوانه صفحة ٢٠١ (جمع وتحقيق إبراهيم السامرائي). وهو من شواهد سيبويه ١/ ٣٢٣، والمقتضب ٢/ ٢٢٩، والخزانة ١/ ٢٣١. والشاهد فيه: "عمرتك الله" وضعت موضع: عمرك الله.
(٣) وقد أجاز الأخفش رفع الله في "عمرك الله" ليكون فاعلاً، أي: عمرك الله تعميراً. انظر الرضي على الكافية ١/ ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>