للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "ومنه ما يكون توكيداً إما لغيره أو لنفسه". التوكيد لغيره أن تتقدم جملة يكون معناها باعتبار المصدر المذكور بعدها متعدداً (١). والتوكيد لنفسه أن تتقدم جملة يكون معناها باعتبار المصدر المذكور بعدها متحداً (٢).

وقوله: "أجدك لا تفعل كذاط. أصله لا تفعل كذا جداً. فالجملة بالنسبة إلى "جدا" تحتمل الغير، فصار توكيدا لغيره، ثم أضيف إلى فاعله كقولك (٣): صنع الله، ثم دخلت الهمزة للإنكار، فالتزم تقديمه لأجل الهمزة، ثم كثر في ألسنتهم حتى استعمل استفتاحاً، فلذلك وقعت بعده الجملة الإنشائية كقولك: هل تفعل كذا؟ ولا تفعل كذا. والإنشائية هي التي: لا تحتمل صدقاً ولا كذباً.

قوله: "ومنه ما جاء مثنى وهي: لبيك وسعديك". ضابط هذا أن يكون مسموعاً من العرب مثنى. ووجوب حذف الفعل معلوم قياساً، وسره أنهم لما ثنوه فكأنهم ذكروه مرتين، فاستغنوا بذكر أحدهما مقدراً عن الفعل، كما أنهم إذا قالوا: الطريق الطريق، استغنوا بالتكرار عن الفعل، فإذا قالوا: الطريق، لم يستغنوا.

قوله: "ومنه ما لا يتصرف، وهي (٤) سبحان الله ومعاذ الله وعمرك وقعدك الله". قال سيبويه: معنى كونها لا تتصرف: أنها لا تستعمل إلا مصدراً ولا تقع فاعلة ولا مفعولة ولا مضافاً إليها (٥). وقال بعضهم: إنها مصدر لسبح، ولا


(١) كقولك: هذا عبد الله حقاً.
(٢) كقولك: له علي ألف درهم عرفا. أي: اعترافاً.
(٣) في ب: كقوله.
(٤) في المفصل: نحو، بدلاً من: وهي.
(٥) عدم تصرفها عند سيبويه ليس كما نقله عنه ابن الحاجب، وإنما لأنها لا تقع في موضع الجر والرفع ولا تدخلها الألف واللام. انظر الكتاب ١/ ٣٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>