للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "ترباً" إلى آخره. هي لأجسام بالأصالة. والمتكلم إذا قالها لا يخطر بباله التراب أصلا. فمعنى ترباً: تعساً وخيبة. فقد قصد به ههنا معنى تعس، فيجب أن يكون نصبه على المصدر، إلا أنه لا يجوز إظهار فعله. وجندلاً: مثله.

وقوله: "فاها لقيك". معناه: دهياً وخيبة، فهو موضوع لمعنى فعل، فيجب أن يكون مصدرا (١).

وقوله: "هنيئاً" (٢). يعني: أنها صفات في الأصل موضوعة للذات التي قام بها المعنى، إلا أنها في هذا المحل استعملت للمعاني أنفسها، فهي ههنا مصادر لأنها أسماء لمعان فعلها فاعل الفعل المذكور، وهي غير مصادر باعتبار أنها في الأصل اسم للذات التي قام بها المعنى. فهنيء ومريء: اسم فاعل من قولهم: هنأ ومرأ. وقائماً: اسم فاعل من قام. وقاعداً: اسم فاعل من قعد. إلا أنك إذا قلت: هنيئاً لك الظفر، لم تعن إلا ليهنك الظفر (٣). وقد وقع "هنيئاً" موقع الفعل وهو الذي يعني به المصدر. وإذا قلت: أقائماً وقد قعد الناس؟ فهو قائم مقام قولك: أتقوم؟ فيجب أن يكون مصدرا، وكذلك: أسائراً؟ وليس قوله: {فكلوه هنيئاً مريئا} (٤) من هذا القبيل، فإنها صفات بالأصالة، وإنما جاءت نعتاً للمصدر المحذوف. فتقديره: أكلاً هنيئاً وأكلاً مريئاً. فهي صفات حذف موصوفها وأقيم الصفة مقامه.


(١) فاها: منصوب بمنزلة ترباً وجندلاً، كأنك قلت: ترباً لفيك. وإنما يخصون الفم بذلك لأن أكثر المتألف فيما يأكله الإنسان ويشربه. وصار "فاها" بدلاً من اللفظ بقولك: دهاك الله. انظر ابن يعيش ١/ ١٢٢.
(٢) هنيئاً سقطت من د.
(٣) انظر سيبويه ١/ ٣١٧.
(٤) النساء: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>