للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسمع بعدها إلا المبتدأ، فكان مقتضى ذلك أنه لا يجوز: خرجت وإذا عبد الله يضربه عمرو. لأنه إذا نصب قدر الفعل واقعاً بعدها فتخرج عن موضوعها المذكور. إلا أن النحويين جوزوا النصب في هذه المسألة ونحوها، فدل ما تقدم على قوتها في الرفع، ولذلك غلبت قرينة النصب.

قوله: "ويختار النصب". ثم ذكر اختيار النصب عند وجود قرائنه غير المعارضة بما تقدم من: أما وإذا، على التفصيل. ثم شرع فيها واحدا واحدا. فمنها: أن تقع هذه الجملة بعد جملة فعلية، كقولك: خرج زيد وعمراً ضربته (١)، لأن تقدير الفعل أولى لتتناسب الجملتان. ومنها: بعد "إذا" الشرطية، كقولك: إذا زيداً تلقاه فأكرمه، لأن الشرط يقتضي الفعل. وكان مقتضى مذهب سيبويه ومن وافقه أن يجب فيها النصب (٢)، لأنه لا يقدر في مثل: "إذا السماء انشقت" (٣) إلا الفعل، ولا يقدر المبتدأ. وإذا وجب تقدير الفعل، فكما وجب النصب في مثل: إن زيداً ضربته ضربته، يجب النصب في مثل: إذا زيداً ضربته ضربته، لأن المعنى المقتضي للزوم النصب في "إن" الشرطية حاصل مثله في "إذا"، فجواز الرفع مما يقوى قول مخالفه في وقوع المبتدأ بعدها. ومنها: "حيث لكثرتها في الفعل وقلة وقوع المبتدأ بعدها. ومنها: حرف الاستفهام وحرف النفي، لأن الاستفهام بالفعل أولى. فإذا وقع الاسم فالاستفهام في الحقيقة عن الفعل الذي دل عليه الخبر، وكذلك النفي سواء،


(١) وضابط هذه المسألة أن يقع الاسم بعد عاطف غير مفصول بـ "أما" مسبوق بفعل غير مبني على اسم، كالمثال الذي أتى به المؤلف.
(٢) قال سيبويه: "ومما يقبح بعده ابتداء الأسماء ويكون الاسم بعده إذا أوقعت الفعل على شيء من سببه نصباً في القياس: إذا، وحيث، تقول: إذا عبد الله تلقاه فأكرمه، وحيث زيداً تجده فأكرمه، لأنهما يكونان في معنى حروف المجازاة. ويقبح إن ابتدأت الاسم بعدهما إذا كان بعده الفعل". الكتاب ١/ ١٠٦.
(٣) الانشقاق: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>