للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما بيان حل إشكال كونها مبتدأ بها في معنى المعارف ولا محمل لتعريفها إلا على العلمية، فإنا نقول: ليست من قبيل المعارف بل أشبهتها من حيث لزم التعميم كما في: ما رجل أفضل منك. ألا ترى أن رجلا نكرة وإن حصل التعميم، فكذلك ههنا لما لم يكن الغرض في واحد مخصوص لم يخص فحصل التعميم، كما أن النفي لما لم يخص حصل التعميم. سلمنا التعريف، إلا أنه ليس على العلمية بل على أحد وجهين: أحدهما: أنه تعريف باعتبار التعميم كما في: كل رجل، فإنه معرفة وليس مما عد من المعارف، فكذلك هذا يكون تعريفا باعتبار التعميم، مثل لا رجل، فيمن قال: إنه عام بأصله لا بلازمه. الثاني: أنه تعريف باعتبار تقدير اللام لأن المعنى: التمرة خير من الجرادة، فعدل عن اللام كما في: سحر وغدوة وبكرة وفينة. فإن قلت: فإذن رجعت إلى مذهب ابن جني، لأن ما ذكرته كله في هذا الوجه ممتنع صرفه للعلمية والعدل، أو للعلمية والتأنيت، أو للجميع. فلا بد من اعتبار العلمية، فوجب أن يكون ما نحن فيه أيضا علما. قلت: ليس العدول عما فيه الألف واللام بالذي يوجب للاسم المعدول علمية وإن كان معرفة ما لم يقصد قصدها ويثبت بدليل خاص عليها. بيان ذلك: أن عشية وعتمة وإن كانا معرفتين باتفاق إذا قصد بها عشية ليلتك وعتمتها معدولان عما فيه الألف واللام، وهو الذي أوجب لهما التعريف، وليسا علمين لكونهما منصرفين (١) فلو كان العدول عن التعريف بالألف واللام يوجب العلمية لوجبت لهما، ولو وجبت لمنعا من الصرف، فلما صرفا دل على أن العلمية لا يحكم بها إلا بثبت وراء ذلك. وسره أن كل عن الألف واللام جائز


(١) قال ابن الحاجب: " ولكنهم جعلوه معدولا عما فيه الألف واللام لا علما، فلذلك انصرف وإنما لم يقدر العلمية دون العدل لما يلزم من منع صرف عشية وعتمة للعلمية والتأنيث وهي مصروفة باتفاق" الإيضاح ١/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>