تقديره نكرة وجائز تقديره معرفة حسب ما كان عليه. وإذا احتمل الأمرين لم يحكم بأحدهما إلا بثبت، فحكمنا على غدوة وأخواتها بالعلمية لما ظهر من منع الصرف، إذ لا وجه له سواها، وحكمنا على باب "عشية" بتعريف اللام المقدرة لمجيئها منصرفة فإن قلت: فقد حصل من مجموع ذلك أن بعض ما يعدل عن الألف اللام يكون علما وبعضه يكون غير علم، فما تنكر من أن يكون ذلك من القسم الأول، لأنك قد وافقت على مثله. قلت: قد تقدم أن الحكم على مثل ذلك بالعلمية إنما يكون بثبت من العرب في المحل المخصوص لما في علميته من الإشكال، فحمله على القياسي الذي لا إشكال فيه أولى. فإن قلت: فما تنكر أن تكون "أربعة" ضعف اثنين علما غير منصرف مثل قول النحويين: فاعلة صفة منصرف، فإن ذلك علم عندهم باتفاق، وهو غير منصرف لذلك (١) ووجهه أنه لما عم في الجميع بغير الة كان علما عليه، فكذلك هذا إذا عم في الجميع بغير الة يكون علما. قلت: الفرق بينهما من وجوه: أحدها: أن "فاعلة" وضعه النحويون في أصل وضعه علما على كل موزون على هذه البنية المخصوصة، وهذا معنى العلمية، بخلاف "أربعة" وبابه، فإن أصل وضعه كوضع رجل، فكما لا يصح في رجل أن يدعى أن أصل وضعته العلمية فكذلك هذا. الثاني: أن "فاعلة" لا يجوز دخول اللام عليه كما في الأعلام، و"أربعة" لو قلت: الأربعة، لكان مستقيما، والألف واللام تناقض العلمية. الثالث: أن باب "فاعلة" إذا أطلق على واحد من مدلولاته فالمحققون على إبقائه علما، وهذا لا يجوز إبقاؤه علما عند إطلاقه على أحد مدلولاته.
(١) قال الزمخشري: "ومن الأعلام الأمثلة التي يوزن بها". المفصل ص١١س.