للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو جازَ أن تتجسَّدَ الأشواقُ ... ضاقت بشوقي نحوَك الآفاقُ

فأنا اللَدِيغُ، لَدِيغُ بَيْنِك، ليس لي ... إلا دُنُوُّ مَزارِك الدِّرياقُ

وأنشدني أيضاً:

ما أحدث البَيْنُ لي وَجْداً على سَكَنٍ ... خلوت منه، كأنّي لستُ أَعرِفُهُ

فلو تجمَّعَ شَمْلِي، بعدَ فُرقتِه، ... وَلَهْتُ للبَيْنِ ممّا صِرتُ آلَفُهُ

وأنشدني أيضاً لنفسه:

ولمّا صفا وُدُّنا بينَنا، ... وكِدنا نحوزُ ثِمارَ المُنَى،

وصِرنا جميعاً إلى غاية، ... لنا ما لَكُمْ ولَكُمْ ما لَنا،

أثارَ بنا الدَّهرُ أَحقادَه ... فعاقب بالبَيْن مَنْ ماجَنا

كأنّي خُلِقتُ ليوم الوَداع، ... وداعي الفِراقِ لقلبي عَنا

ألم يَأْنِ للدّهر أن يستفيقَ ... فيَنْهَى التَّفَرُّقَ عن شَمْلنا

فسِيّانِ عنديَ، بعدَ الفِراقِ: ... أساء بيَ الدَّهر أم أحسنا

وأنشدني لنفسه، مما يغنى به:

الوُشاةُ، قد صَدَقُوا ... في الَّذي به نطقوا

إِنني، بكم كلِفٌ، ... مُدْنَفُ الحَشا، قَلِقُ

بِنْتُمُ، ففارقَني ... قلبيَ الشَّجِي الفَرِقُ

والرَّفيقُ، بعدَكمُ، ... لي السُّهادُ والأَرَقُ

ناظرٌ، به دُفَعٌ ... من حَشاً، به حُرَقُ

هل عليكُمُ حَرَجٌ؟ ... أو ينالكُمْ فَرَقُ؟

لو وَصَلْتُمُ كَمِداً ... قلبُه به عُلَقُ

فاعطٍفُوا على دَنِف ... ما بَقِي به رَمَقُ

ليس يستوي نظراً ... مُوثَقٌ، ومُنْطَلِقُ

كلُّ مَنْ تقدَّمَني ... في الهوى وإن صدقوا،

ما صَبَوْا، وحقِّكُمُ، ... صَبْوَتي، ولا عَشِقُوا

وأنشدني لنفسه، وقد تكرر وداع صديق لصديقه، في مدح الفراق:

مَن كان ذَمَّ الفراقَ، إِنّي ... مِن بعدِها أمدَحُ الفِراقا

حظِيتُ فيه بوصلِ خِلٍّ ... سارقتُهُ لذَّتي استراقا

أباحَنِي صدرَهُ وفاهُ، ... فذاك لَثْماً، وذا اعتناقا

يا ليتَ كانت أيّامُ وصلي ... بقربه كلُّها فِراقا

وأنشدني لنفسه من قصيدة:

بكرَتْ تحُضُّ على الخلاعة زينبُ ... وتلومُ في ترك الصَّبُوح وتَعْتِبُ

والليلُ طفلٌ في أَوانِ مَشِيبِه ... والصُّبحُ في عصر الشَّبِيبة أَشْيَبُ

والجوُّ لابسُ حُلَّةٍ مِسكيّةٍ ... كادت، بلَمْعِ بُروقِها، تتلَهَّبُ

والشّمسُ من خلف السَّحابِ كجذْوَة ... تطفو على طامي العُبابِ وترسُبُ

لو قال: " من خلل السحاب "، كان أحسن:

والأرضُ تبسِمُ عن ثُغور رياضِها ... والأُفقُ يَسْفِرُ تارةً، ويقطّبُ

وكأنَّ مخضرَّ الرِّياضِ مُلاءَةٌ ... والياسمينُ لها طِرازٌ مُذْهَبُ

ومحِدّق من نَرْجس، متوِجّس ... يرنو إِليك كخائف يترقَّبُ

وأنشدني لنفسه في صفة الخمر، وقد أحسن فيها:

أُبرِزت كالفتاة، وَهْيَ عجوزٌ ... تُجتلى بالأفراح في الأَكوابِ

حُجبت في الزُّجاج عنا، كشمس ... حُجبت في ضَبابة من ضَبابِ

وأنشدني لنفسه، وذكر: أنه عملها على أسلوب ابن حجاج في قوله:

في ليالٍ، لو أنّها دفعتني ... بيديها، وقعتُ في رَمَضانِ

فقال:

الصَّبُوحَ الصَّبُوحَ في شعبانِ ... لا تُخِلُّوا به مع الإِمكانِ

طمئِنوا بالمُدام جأشَ نفوسٍ ... رُوِّعت بالصِّيام في رَمضانِ

إِدْهَقُوها بالطّاس والكاس حتّى ... لا يُحَقّ الصّاحي من السَّكرانِ

واجْتلُوها بِكْراً، نَشَتْ ب أَوانَى ... حُجِبت عن خُطّا بها في أواني

زفَّها القَسّ عامداً، بعدَما استظ ... هَرَ في مَهْرها على المُطرانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>