للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سوابح كالنينان تحسب أنني ... مسخت المطايا إذ مسحت السباسبا

تَنَسَّمْن من كِرمان عَرْفاً عَرَفْنَه ... فهنّ يلاعِبْن المِراح لواغبا

ومنها:

إلى ماجدٍ لم يقبل المجدَ وارثاً ... ولكن سعى حتّى حوى المجد كاسبا

كأنَا بضوء البِشْر فوق جبينه ... نَرى دونه من حاجب الشمس حاجبا

تُصيخُ له الأسماع ما دام قائلاً ... وتعنو له الأبصار ما دام كاتبا

ولم أر ليثاً خادراً قبل مُكرَم ... ينافس في العليا ويعطي الرغائبا

ولو لم يكن لَيْثاً مع الجود لم يكن ... إذا صال بالأقلام صارت مخالبا

فكم قَطَّ رأساً ذا ذوائب، قَطُّهُ ... لهنّ رؤوساً ما حملن ذوائبا

إذا زانَ قوماً بالمناقب واصفٌ ... ذكرنا له فضلاً يزين المناقبا

له الشِّيَمُ الشُمُّ التي لو تجسمت ... لكانت لوجه الدهر عيناً وحاجبا

ثنى نحو شمطاء الوزارة طرفه ... فصارت بأدنى لحظةٍ منه، كاعبا

تناول أُولاها وما مدَ ساعداً ... وأحرز أُخراها وما قام واثبا

وما دافِعُ القوسِ الشديدةِ مَنْزعاً ... برامٍ، ولكن مُخْرِجُ السهم صائبا

غزير الندى، لولا ينابيع سَيبِه ... لأصبح ماء الفضل في الناس ناضبا

عَريتُ من الآمال عِزاً وثروةً ... وكنتُ إلى ثوب المطامع ثائبا

بكفٍ ترى فيْض الندى من بنانها ... على كلِّ مَنْ تحت السماوات واجبا

عوارف من إحسان مذ عرفتها ... نوائب عني يوم أخشى النوائب

ومن حسنات الواردِ البحر أنه ... يرى مُذْنِباً من لا يَعاف المَذَانبا

ومنها:

طلعتَ طُلوع الفجر، والليلُ غُيْهَبٌ ... فحلّيتَ بل جَلَّيْتَ تلك الغَياهبا

وَرُقْتَ كتاباً يوم رُعْتَ كتيبةً ... فواقَعْتَ، مِتلافاً، وَوَقَّعْتَ، واهبا

تَدقّ كعوب الرمح في كلّ دارعٍ ... وتقتضّ أبكار المعالي كواعبا

وكم حَذِرَتْ منك المنيةُ حتفَها ... وقام القنا لما تنمرت هائبا

ومنها يصف وقوعه بالخوارج:

ويوم العُمانيّين، ماجُوا وفوقهم ... سماء قِسِيٍّ ترسل النبل حاصبا

قلوبُهم اسودَّتْ، وصارمُك اشتكى ... مَشيباً، فلم تُعْدِمْهُ منهن خاضبا

فأصبح جسمُ الجامد القلب منهم ... بقلب الحديد الجامد الجسم ذائبا

وَهُمْ ذنبٌ بَتَّ المهلَّبُ رأسه ... فكنت لما أَبْقى المهلب هالبا

رأَوْك ولم تحضر، ومن كان فضله ... محيطاً فما يُسْمى، وإن غاب، غائبا

أشرتَ من التدبير، والبحر بينكم ... بنجمٍ رآه الجيشُ في البرّ ثاقبا

ومِن قبلك الفاروق جاء بمثلها ... وكان على عود المدينة خاطبا

دنت، يوم أَوْمى، من نهاوند، يثربٌ ... فنادى: ألا ميلوا عن الطود جانبا

بدا بك وجه الدين أبيضَ مشرقاً ... ووجه عدوّ الدين أسودَ شاحبا

شفى وصبَ الهيجاء سيفُكَ فلْيدُمْ ... لك العزّ، ما كرّ الجديدان، واصبا

ومن قصيدة له في مدحه أيضاً:

نُسِخَتْ برِفدكَ آيةُ الحرمان ... وعَلَتْ لوفدك رايةُ الإحسان

يا ناصر الدين الذي أمطاه ظ ... هرَ المجد مظْهِرُه على الأديان

يُمناك غيث ما استهلّ غَمامُهُ ... إلاّ غرقتُ بأيسر التَّهْتان

وصِفات مجدِك لا تكلّف عندها ... ألفاظ من وصف الكرام معان

خُلِقت مساعيك الشريفة في العلى ... بمثابة الأرواح في الأبدان

وانقضّ عزمُك فوق كلّ مُلمَةٍ ... كالشهب أو كثواقب الشهبان

أيَّدتَ فضلك بالتفضّل، والعلى ... شطران: خطُّ يدٍ وخطُّ لسان

<<  <  ج: ص:  >  >>