للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأَنه واجدٌ وَجْدي بجيرتها ... فكلّما خطرت في قلبه وَجَبا

فموضعُ السِرّ مني يستضيء سَناً ... ومنبع الماءِ منه يَلْتظي لَهَبا

ومنها:

أَحبابَنا، عاد عيدُ الهمّ بعدَكُمُ ... تباعدتْ دارُكم في الحبّ واقتربا

ما بال سَلوةِ بالي لا تسرُّكُمُ ... حتّى كأَنّ لكم في راحتي تعبا

ما خانكم جَلَدي إِلاّ وفى لكُمُ ... قلبٌ متى سُمْتُه ترك الغرام أَبى

عَلاقَةٌ غلبتْ صبري فلا عَجبٌ ... إِن الصّبابة خصمٌ طالما غلبا

وله من قصيدة يهنئ فيها أتابك الكبير عماد الدين زنكي بن آق سنقر رحمه الله سنة تسع وثلاثين وخمسمائة بفتح الرها. أولها:

هو السّيفُ لا يُغنيكَ إِلاّ جِلادُهُ ... وهل طوّق الأَملاكَ إِلاّ نِجادُهُ

ومنها:

فيا ظفراً عمَّ البلادَ صَلاحُه ... بمن كان قد عمّ البلادَ فسادُه

غَداةَ كأَنّ الهامَ في كلِّ قَوْنَسٍ ... كمائمُ نبتٍ بالسُّيوف حَصَادُهُ

فما مُطْلَقٌ إِلاّ وَشُدَّ وَثاقهُ ... ولا مُوثَقٌ إِلا وحُلّ صِفاده

ولا مِنْبَرٌ إِلاّ ترنّح عودُه ... ولا مُصْحَفٌ إِلاّ أنارَ مِدادُه

إِلى أَين يا أَسرى الضَّلالةِ بعدها ... لقد ذَلّ علويكم وعزّ رشادُه

رويدَكُمُ لا مانعٌ من مُظَفَّرٍ ... يعانِدُ أَسبابَ القضاءِ عِنادُه

فَقُلْ لملوك الكُفر تُسْلِم بعدها ... ممالكَها إِنّ البلاد بلادُه

كذا عن طريق الصّبح أَيّتها الدُّجى ... فيا طالما غالَ الظّلامَ امتدادُه

فلو دَرَجُ الأَفلاك عنه تحصّنت ... لأَمْستْ صِعاداً فوقَهنّ صِعادُه

ومن كان أَملاك السموات جُنده ... فأَيّةُ أَرضٍ لم تطأها جيادُه

ومنها:

سمعت قِبلةُ الإِسلام فخراً بطَوْله ... ولم يك يسمو الدين لولا عمادُه

وله وقد اجتاز بعزاز في عهد الفرنج بها، خذلهم الله، وأنشدنيها ولده موفق الدين خالد:

أَين عِزّي من رَوْحتي بعَزازِ ... وجَوازي على الظِّباء الجَوازي

واليعافيرُ ساحبات المغافير علينا كالرَّبْرَب المُجْتاز

بعيونٍ كالمُرْهَفات المواضي ... وقدودٍ مثل القنا الهزّاز

ونحورٍ تقلّدت بثغورٍ ... ريقُها ذَوْبُ سكَّر الأَهواز

ووجوهٍ لها نُبُوَّةُ حُسْنٍ ... غير أَن الإعجاز في الأعجاز

كل خَمْصانةٍ ثَنَتْ طرف الزُّنّار من سُرَّةٍ على هوَّاز

ذات خَصْرٍ يكاد يخفى على الفا ... رس منه مواقعُ المِهْماز

لاحظتني فانقضَّ منها على قلبيَ طرْفٌ له قَوادِمُ باز

وسبتْني لها ذوائبُ شَعرٍ ... عقدتها تاجاً على ابرواز

مَنْ مُعيني على بنات بني الأصفر غزواً فإِنني اليومَ غاز

وله:

إِذا ما خدمتَ كبار الملوك ... فأَولُّ ما تخدُمِ الحاشيه

فكن جاري الماء يسقي الرياض ... فأوَّلُ ما تشرب الساقيه

وله في العذار:

يا مُطْلِعاً بصُدود في لِمَّتي ... ما غاب تحت عِذاره من خدّه

لك عارضٌ أَلقى عليَّ بياضَه ... وأَغار من شعري على مُسْوَدِّه

وأَظنُّ خدَّك مُذْ تخوَّف نَهْبَه ... ضَرَب السّياج على حديقةِ وَرده

وله من قصيدة يهنئ نور الدين رحمه الله باستقرار أمر دمشق وأسر جوسلين وفتح عزاز وقورص والقلاع ويذكر قتل الإبرنس صاحب أنطاكية:

لِيَهْنِ دمشقاً أَن كُرسيّ مُلْكِها ... حُبي منك صَدْراً ضاق عن هَمِّه الصَّدْرُ

وأَنك، نورَ الدين، مُذْ زُرتَ أَرضها ... سمتْ بك حتى انحطّ نَسرها النسر

هي الثَّغْر أَمسى بالكراديس عابساً ... وأَصبح عن باب الفراديس يَفْتَرّ

فإِمّا وقفت الخيل ناقعة الصَّدى ... على بردى من فوقها الوَرَق النَّصْر

<<  <  ج: ص:  >  >>