مَنْ لي بساقٍ أَغْيدٍ ... عِذاره قد سَرحا
كأَنه بدرُ دُجَى ... في كفّه شمسُ ضُحا
ما زلتُ من مُدامِه ... مُغْتَبِقاً مُصْطَبِحا
حتى غدوْتُ لا أَرى النّدمان إِلاّ شبحا
وقد عصيْتُ في الهوى ... من لام فيه وَلَحا
يا قلبُ كمْ تذكره ... لا بارحتْك البُرَحا
هذا الذي تعشقُه ... كم قلبِ صَبٍّ جرحا
يا صاح يا صاح اسقني ... من راحَتيْه القَدَحا
واغتنِم العيشَ فما ... تُبْقي الليالي فرحا
كأَنما البدر وقد ... لاح لنا مُتَّضِحا
وجهُ مجير الدين مو ... لانا إِذا ما مُدحا
وقوله في ناصر الدين وفتح الدين ابني أسد الدين شيركوه:
لله شِبلا أَسدٍ خادِرٍ ... ما فيهما جُبْنٌ ولا شُحُّ
ما أَقبلا إِلاّ وقال الورى: ... قد جاء نصر الله والفتحُ
وقوله رباعية:
لا راحةَ لي بغير شُرب الرّاحِ ... من ذي هَيَفٍ يطوف بالأَقداحِ
تبدو كالصّبح وهو كالْمصباحِ ... سكران الطرف ذو فؤادٍ صاح
وقوله في أبي الوحش:
قال وُحَيشٌ ليَ في منزلي ... مكبوبةٌ ظاهرة الملحِ
فقلتُ: ما عندك مكبوبة ... إِن لم تكن أُم أَبي الفتح
الخاء وله:
صفات القويضي فتى مشرقٍ ... يَحار لها العالِمُ الراسخُ
ذكيٌّ، ولكنّه لاذنٌ ... أَسيلٌ، ولكنه كامَخُ
الدال وقوله من قطعة:
قمرٌ يغيب إِذا بَدَأْتُ مَلامَةً ... وأَغيبُ من حذر الوُشاة إِذا بدا
ناديت طُرّتَه وضوء جبينه ... سُبحان من قَرَن الضَّلالة بالهُدى
وقوله في سيف الدين محمد بن بوران:
لِمَنْ حِلّةٌ ما بين بُصرى وصَرْخَدِ ... تروح بها خَيْلُ الجلاح وتغتدي
ونارٌ، بقلبي مثلها، لأُهَيْلها ... تُشَبُّ لضَيْف مُتْهِمٍ ولمُنْجِدِ
وممشوقة رقّت ودقّت شمائِلاً ... إِلى أَن تساوى جِلْدُها وتَجلُّدي
من الخَفِراتِ البيض تُغْني لحاظُها ... عن المُرْهَفات البيض في كلِّ مَشْهَد
حجازيّة الأَجفان والخصر والحشا ... شآمِيَّة الأَردافِ والنهد واليد
إِذا ابتسمت فالدُّرُّ عِقْدٌ مُنَضَّدٌ ... وإِن حدَّثَتْ فالدّرُّ غيرُ مُنضَّد
وأَلْمى كمثل البدر تبدو جُيوبُه ... على مِثْلِ خُوط البانةِ المُتَأَوِّد
له مقلةٌ سَكْرى بغير مُدامَةٍ ... ولي مُقْلةٌ شَكْرى بدَمعٍ مُوَرّد
رعى الله يوماً ظَلَّ في ظِلِّ أَيْكةٍ ... نديمي على زهر الرياض ومُنشدي
وكأْساً سقانيها كقِنْديل بِيعةٍ ... بها وبه في ظلمة الليل نهتدي
معتَّقَةً من قبلِ شيثٍ وآدم ... مُخَلَّلَةً من قبٍلِ عيسى وأحمد
صَفَتْ كدموعي حين صدّ مديرها ... ورقّت كَدِيني حين أَوْفى بمَوْعد
وفي الشيب لي عن لاعجِ الحُبّ شاعلٌ ... وقد كنتُ لولا الشيبُ طلاَّعَ أَنْجُد
رمى شَعَري بعد السَّواد بأَبيضٍ ... وحَظّيَ من بعد البياض بأَسود
فلا وَجْدَ إِلاّ ما وجدتُ من الأَسى ... ولا حمدَ إِلاّ للأَمير محمّد
وقوله في آمد:
في آمِدَ السوداءَ بِيضٌ ما انثَنوْا ... إِلاّ حَكَوْا سُمْرَ الرّماح قُدودا
تَخِذوا من الليل البهيم قلانِساً ... ومن النهار مباسماً وخُدودا
يقال لآمد السوداء لأنها مبنية بحجارة سود، ولميافارقين البيضاء، ولنصيبين الخضراء، وللموصل الحدباء، ولحلب الشهباء، ولبغداد الزوراء، وللبصرة الفيحاء.
وقوله في ذم العذار:
إذا ما الأَمْردُ المصقول جاءت ... عوارضُه فنقْصٌ في ازْدياد
يموت المَوْتَةَ الأُولى فتُمْسي ... على خدَّيْه أَثواب الحِداد