والسير تحت هواجر الشِّعْرى التي ... يلقى الوجوهَ أُوارُها متوهّجا
بكواكب القَيْظِ التي قالت بها ... جُونُ الجَنادِب تستظِلُّ العَرْفَجا
ذرْها وحاديَها وأَجوازَ الفلا ... وتحمّل الأَثقال فيها والنَّجا
عوّامةٌ في الآل تحسب أَنه ... بحرٌ، وتحسبها السَّفينَ مُلَجّجا
ومنها في الغزل:
تجلو بِعيدان الأَراك مُعَلَّلاً ... بالراح مثلَ الأُقحوان مُفَلَّجا
مُضْنىً يُريك مُوَشَّحاً ومُمَنْطَقاً ... عَبْلاً يريك مُخَلْخَلاً ومُدَمْلَجا
وكأَنما ظبيُ الصّريم أَعارها ... جِيداً ومُلْتَفَتاً وطَرْفاً أَدْعجا
عُلِّقْتُها تختال في بُرْدِ الصِّبا ... مَرَحاً، وبُرْد شبيبتي ما أَنْهَجا
حتى تنفَّس من غياهب لِمَّتي ... فَلَقُ المشيب بمَفْرقي وتبلّجا
وكففتُ عن غزلي بها وتهذَّبتْ ... مني القرائح للمدائح والهجا
وحَلَبْتُ هذا الدهرَ أَشطُره فلم ... أَرَ فيه ذا خطرٍ يُخاف ويُرْتجى
إِلاّ بني رُزِّيك أَرباب النَّدى ... والبأس والمجدِ المُؤَثَّل والحِجا
وقوله من قصيدة:
لئن أَمسكتْ عني سحائب جُودهِ ... فما أَنا للبِرّ القديم جَحودُ
أَلم تر أَنَّ المُزْن يهطِل تارةً ... ويُمْسِك بعد الهَطْل ثم يجود
وقوله من قصيدة أولها:
تيمَّمِ النار تجلو عاكِفَ الظُّلَمِ ... يا مُدْلِجاً بطِلاح العيس لم ينمِ
حُلَّ النسوع بمَغْنىً لم يزلْ أَبداً ... يُهَزّ بالمدح فيه نَبْعة الكرم
واحطُط رِحال المطايا عن غواربها ... برحْب هذا الحِمى الممنوع والحَرَم
جناب أَرْوَعَ ما استسقيت راحتَه ... تُفني العِدى واللُّهى بالسيف والقلم
فعزمُه أَبداً بالنُّجْح مقترنٌ ... والرَّأْيُ بالرُّشْد، والأَلفاظُ بالحِكم
مَنْ لم يزل يرعف الخَطيُّ في يده ... والمشرفيُّ دمَ الأَكباد والقِمَم
ما قارعتْ يده إِلاّ بمُنْحَطِمِ ... كلاّ ولا جالدت إِلاّ بمُنْثَلِم
ومنها:
كأَنّهم والرَّدَيْنِيّاتُ تكنُفُهمْ ... يومَ الهياج غضابُ الأُسْد في الأَجَم
ومنها:
يا ابن الذين إِذا عُدَّتْ مناقبهم ... بين الورى ضاق عنها واسعُ الكَلِم
وقوله من قصيدة في صاحب بُصرى أولها:
خَلِّ الصَّريمَ لواصفي آرامِهِ ... وغَزالَه لِمُتَيَّمٍ ببُغامِه
وَدَع الأَراك وما سما من دَوْحِه ... تدعو على الأَغصان حَمامِه
ومنها في المدح:
أَسدٌ ولكن من براثن كفّه ... بيضُ الظُّبا، والسُّمْرُ من آجامه
لو لم يكن أَحدَ الضراغم لم يكن ... كسر الكُماةِ الشوس من إِلهامه
سائلْ به يوم الظَّليلِ فإِنه ... يومٌ تجلّى عنه من أَيّامِه
إِذا جاءه جيشُ الفرنج مُنَظَّماً ... فسما إِليه فحَلَّ عَقد نظامه
وغدا يُحَدِّث في الجامع كفرُهُمْ ... بالبأس والسَّطَواتِ عن إِسلامه
وله بأَرض القُدْس فيهم وقعةٌ ... سلبت مليكَهم لذيذَ منامِه
كم جَحْفلٍ للشّرْك همَّ بحَرْبه ... فأَحَلَّ صدر الرُّمْح صدر هُمامِه
فبنور شمس الدّين قد كُشِفت من الكُفْرِ المُرَوّع عاكفاتُ ظلامه
فالّليْث في سِرْباله والغيث بين بنانه والبدر تحت لِثامه
ماء المنايا والمُنى في كفِّه ... جارٍ، وفوق الطِّرْس من أَقلامه
حازَ المفاخر والنُّهى في مَهده ... وسما إِلى العَلْياء قبل فِطامه
لِلأريحيَّة والنَّدى في عِطفه ... فِعْلٌ يقصِّر عنه فعلُ مُدامه
تهزُّ عِطفيْه المدائحُ هزةً ... كعواسل المُرّان يوم زحامه